أثار توجيه “الجبهة الوطنية لمناهضة والتطرف والإرهاب” رسالة إلى وزير الداخلية ووالي جهة الشرق وعامل إقليم الدريوش بشأن لافتة تنظم توقيت ولوج الأشخاص حسب جنسهم إلى حامة أو “حمام الشعابي”، الموجودة في قبيلة “آيت سعيد” التابعة ترابيا لجماعة دار الكبداني بإقليم الدريوش، الكثير من الجدل ودفع بعدد من النشطاء والفاعلين الحقوقيين والجمعويين إلى إدانة ما ورد بنص الشكاية الذي ربط المكتوب في اللافتة بـ”حملة من الحملات والممارسات الإرهابية المتطرفة”.
ومباشرة بعد إزالة اللافتة وإثارة الموضوع إعلاميا، ردّت مجموعة من الجمعيات الفاعلة في هذه المنطقة ببيانات استنكرت فيها مزاعم التحريض على الكراهية والتمييز والتطرف والانغلاق، حسب ما جاء في بيان لـ”جبهة العمل الأمازيغي بالجهة الشرقية”، التي اعتبرتها مزاعم وادعاءات مغلوطة وباطلة، ومجرد أوهام ومغالطات لا تعكس حقيقة مضامين اللافتة المقصودة التي تنظم إجراءات الدخول والخروج إلى الحامة وفق ضوابط الأعراف الأمازيغية المحلية.
أما “العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بإقليمي الناظور والدرويش”، فعبّرت عن استيائها من مضمون الرسالة الكيدية لما يسمى بـ”الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب” بخصوص موضوع اللافتة، داعية أصحاب الرسالة إلى سحبها والاعتذار لأهل المنطقة وساكنتها واحترام خصوصياتهم وتقاليدهم “التي لم تؤذ يوما أحد ولم يشتك منها أحد”، وفق تعبير بيان لها.
وعلى عكس ما تم تداوله بداية الأسبوع الجاري، في منابر صحافية وصفحات موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، فإن اللوحة لم تتم إعادتها إلى مكانها إلى حدود الساعة، وفق ما عاينته هسبريس بعين المكان، في الوقت الذي أجمعت فيه التصريحات التي استقيناها من الحامة ومحيطها على ضرورة تثبيتها من جديد، مشيرين في المقابل إلى أن النظام المعمول بها لم ولن يتغيّر وإن تم التخلي عن اللافتة؛ وذلك بالنظر إلى أنه متعارف عليه، ويتم تنبيه الوافدين الجدد إلى ذلك من طرف العاملين بالمطاعم الشعبية أعلى الحامة أو المكلّفين بحراسة السيارات.
وعمل النشطاء المنتمون إلى هذه المنطقة على كشف سوء فهم وعدم تثبّت أصحاب الرسالة من موضوع رسالتهم، إذ إنها (الرسالة) تحدّثت عن شاطئ؛ في حين أن اللافتة تهم حامة عبارة عن مسبح صغير يصل عمقه إلى 60 سنتمترا، لا تتعدى مساحتها 10 أمتار تتدفق إليه المياه الساخنة من أعماق الجبل الذي يعلو فوق سطح البحر بحوالي 100 متر، وتأتي إليها الساكنة من مختلف المناطق قصد العلاج من بعض الأمراض الجلدية وأمراض المفاصل، وهو الأمر الذي وقفت عليه كذلك الجريدة، اليوم الثلاثاء، في جولة بالمنطقة.
وأكد عدد من الزوار شعورهم بـ”الإهانة” نتيجة وصفهم من طرف الجمعية المذكورة بـ”نشر الكراهية والتمييز في الفضاء العام والدعوة للإرهاب”، مبرزين أن هذا العرف ضارب في عمق التاريخ وليس وليد اليوم.
وفي الوقت الذي ناشدت العصبة ومجموعة من النشطاء والزوار الذين تحدّثوا إلى هسبريس السلطات المحلية والنيابة العامة للتحقق من التهم والنعوت التي جاءت في الرسالة ومساءلة أصحابها عن مصادرهم ودلائلهم على أن أبناء تلك المنطقة هم “مليشيات وإرهابيون ومدمرون”، أكدت جمعية “آيت سعيذ للثقافة والتنمية” اعتزامها تقديم شكاية ضد محمد الهيني وأحمد الدريدي اللذين تحمل الشكاية توقيعهما، لاتهامهما ساكنة القبيلة ومنطقة الريف بالتطرف والإرهاب.
تجدر الإشارة إلى أن حامة أو “حمام الشعابي” ليست الوحيدة بمنطقة الريف وجهة الشرق التي تعرف هذا النظام المتعارف عليه؛ فإلى عهد قريب، كان المئات يتوافدون يوميا بشكل منفصل (إناثا وذكورا) على حامة “سيدي علي” أو “ثحمانت ن سيذي عري” كما يسمّيها السكان المحليون بالناظور، والتي تواجدت بالقرب من ضريح “سيدي علي” على ضفاف بحيرة “مارشيكا” وكورنيش المدينة، قبل أن تتم إزالتها في إطار تهيئة الرصيف. كما توجد في تراب جماعة “أولاد ستوت” في الإقليم نفسه، وبالضبط على ضفاف نهر ملوية، حامة “مولاي علي” التي ظل يقصدها الزوار من مختلف المناطق المجاورة ولا تعرف هي الأخرى اختلاطا بين الجنسين دون أن يحدث ذلك أي خلاف.
تعليقات الزوار ( 0 )