كتب في 18 مايو 2025

بعد قرون من الغياب.. قرطبة تستعد لفتح أبواب حماماتها الإسلامية القديمة للزوار بميزانية ضخمة

بعد قرون من الغياب.. قرطبة تستعد لفتح أبواب حماماتها الإسلامية القديمة للزوار بميزانية ضخمة

ناظورسيتي: متابعة

في خطوة طال انتظارها منذ عقود، شرعت الحكومة الأندلسية عبر وزارة الثقافة والرياضة في تنفيذ مشروع ترميم شامل لحمامات سان بيدرو الأثرية بمدينة قرطبة، وذلك بهدف تحويل هذا المعلم التاريخي المنسي إلى مزار سياحي وثقافي مفتوح للعموم، مع تحديد موعد الافتتاح خلال عام 2026.

المشروع، الذي تقدر تكلفته بـ1.614.271 يورو، ممول جزئياً من الاتحاد الأوروبي عبر صندوق التنمية الإقليمية (FEDER)، وسيمتد على مدى 13 شهراً، وفق ما أعلنت عنه باتريثيا ديل بوزو، وزيرة الثقافة والرياضة في حكومة الأندلس، مؤكدة أن هذا التدخل يمثل "وفاءً بوعد طالما انتظره سكان قرطبة منذ أن استحوذت الحكومة الإقليمية على الموقع سنة 1992".

تقع الحمامات بجوار كنيسة سان بيدرو في منطقة أثيركية Axerquía، شرق المدينة القديمة، وهي المنطقة الوحيدة من الأطراف التي لا تزال تحتفظ بهذا النوع من المعالم. وقد تم تصنيفها كـ"موقع ذي أهمية ثقافية" (BIC) بالنظر إلى قيمتها التاريخية والمعمارية، إذ تعود أصولها إلى القرنين 11 و12، وتُعد من أبرز النماذج المتبقية للحمامات العربية الأندلسية.

ورغم ما تعرضت له من إهمال لعقود، فقد احتفظت هذه المنشأة بهيكلها الأصلي بدرجة كبيرة، بما في ذلك الغرف الثلاث الكلاسيكية: الباردة، الفاترة، والساخنة، إضافة إلى غرف تغيير الملابس، غلاية التسخين، نظام قنوات الصرف، خزانين للمياه، ونظام رفع المياه يضم ناعورة وبئراً.

الترميم لا يقتصر على إعادة بناء ما تهدّم، بل يشمل إحداث تغييرات هيكلية ذكية تتماشى مع الحاجة إلى استقبال الزوار، إذ ستُغطى الحمامات بسقف جديد يعيد تشكيل حجم المبنى الأصلي، ويتيح الإضاءة الطبيعية، بينما ستمكّن المسارات المعلقة على مستوى الطابق الأول من تقديم نظرة بانورامية فريدة على القباب والبنية الداخلية.

كما سيُشيّد مبنى جديد في الساحة المجاورة، خُصص ليكون فضاءً للاستقبال ومركزاً لتفسير التاريخ الغني للحمامات عبر محتوى متحفي تفاعلي قيد الإعداد، بانتظار مرحلة التعاقد.

اللافت أن هذا المشروع يتزامن مع انطلاق إجراءات إعادة تأهيل محيط كنيس قرطبة المجاور، ثاني أكثر المعالم زيارة في المدينة بعد المسجد الكبير، حيث تم رصد أكثر من 440 ألف يورو لإقامة مركز تفسير جديد يضم محتوى حول تاريخ الكنيس والبقايا الأثرية، بما فيها الميكفي (حمام التطهير اليهودي) الذي اكتُشف مؤخرًا.

ويأمل مسؤولو الثقافة في قرطبة أن يشكّل هذا التطوير المزدوج، لحمامات سان بيدرو والكنيس اليهودي، "مجمّعًا تراثيًا موحدًا" يُسلط الضوء على التعددية الثقافية والدينية التي طبعت هوية قرطبة على مر القرون، ويعيد وضع المدينة في قلب الخريطة السياحية والثقافية العالمية.

المصدر

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

Related Posts

18 مايو 2025

عملية بحرية تحبط تهريب حشيش ووقود قبالة سواحل ألميريا

18 مايو 2025

عملية أمنية تفشل محاولة تهريب أطنان من الشيرا داخل شاحنة رخام مغربية

18 مايو 2025

القنصلية المغربية تقرّب خدماتها من الجالية في وسط إسبانيا

18 مايو 2025

بينهم آلاف المغاربة.. قاصرون مهاجرون في قلب تقرير حقوقي إسباني