كتب في 13 مارس 2025

المحكمة الدستورية: قانون الإضراب يضمن حق العمل مقابل الأجر

أعلنت المحكمة الدستورية، أمس الأربعاء 12 مارس الجاري، أن القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب يتوافق مع أحكام الدستور، وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات الواردة بشأن المواد 1 و5 و12، كما قررت المحكمة إبلاغ نسخة من قرارها إلى رئيس الحكومة ونشره في الجريدة الرسمية، وأشارت المحكمة، بعد اطلاعها على القانون المذكور، إلى أن المادتين 6 و9، المتعلقتين بالعمل مقابل الأجر، لا تتضمنان أي مخالفة لأحكام الدستور.

وجاء ذلك بعدما وجدت المحكمة أن الدستور لمّا ضمن حق الإضراب، وأسند إلى قانون تنظيمي تحديد شروطه وكيفياته، توخى من ذلك أن لا يضار العامل في حقوقه ووضعيته ومساره المهني، متى مارس حقه في الإضراب، وفق الشروط والكيفيات المقررة قانونا، مما يكون معه تحديد المشرع للآثار المترتبة عن ممارسة حق الإضراب وفقا للقانون مندرجا أيضا ضمن تحديد شروطه وكيفياته.

وزادت المحكمة أن المشرع بتنصيصه على اعتبار مشاركة العامل في ممارسة حق الإضراب توقفا مؤقتا عن العمل لا يؤدى عنه أجر، وعلى ضمان أجور الأجراء العاملين لدى المهنيين المضربين، وعلى مجموع الضمانات الهادفة إلى حماية وضعيتهم وفق القانون، يكون قد كفل حماية هؤلاء مما قد يمس وضعيتهم المهنية من آثار بسبب ممارستهم لحق الإضراب، ولم يضع قيدا غير متناسب على مباشرته، ووازن بينه وبين حرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر التي تضمنها الدولة، طبقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 35 من الدستور.

واعتبرت المحكمة الدستورية أن المادة الثامنة، المتعلقة بتحديد مدة للتوصل إلى حل بين المضربين والمشغل، لا تتضمن ما يخالف الدستور، مع التأكيد على أن ما ورد فيها يُعد إمكانية قائمة بذاتها، وليس استثناء على “بطلان” التنازل عن حق الإضراب، بل مجرد تذكير بضمان حق مكفول دستوريا.

وقال المصدر ذاته في هذا السياق إن الدستور قد أقر ضمان حق الإضراب، آلية لحماية الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للعمال والمهنيين، بعد استنفاد سبل المفاوضة الجماعية بدون التوصل إلى إبرام اتفاقات تستجيب لحقوقهم ومصالحهم؛ وحيث إن المادة المعروضة رهنت صلاحية الاتفاقات الجماعية الرامية إلى إقرار السلم الاجتماعي، بشروط معينة، إذ جعلت سريانها يتم خلال مدة محددة لا على سبيل الدوام.

وفيما يتعلق بالمادة العاشرة من القانون التنظيمي سالف الذكر، التي تمنح السلطة الحكومية صلاحيات اتخاذ تدابير التوصل لحل فيما يتعلق بالملف المطلبي ومعاينة وجود خطر حال من عدمه، ومدى امتثال المشغل للقانون، وجدتها المحكمة غير مخالفة الدستور، موردة: “جاءت إنفاذا للالتزام الإيجابي المقرر في الفقرة الثالثة من الفصل 8 من الدستور.

واعتبرت المحكمة أن المادة 11، التي أثارت جدلا بشأن الجهة المخولة للدعوة إلى الإضراب داخل المنظمات النقابية، تتماشى مع أحكام الفقرة الثانية من الفصل 8 من الدستور، والتي تنص على ضرورة مطابقة هياكل هذه المنظمات وتسييرها للمبادئ الديمقراطية، وبناء على ذلك، رأت المحكمة أن هذه المادة لا تخالف الدستور.

وفيما يتعلق بالدعوة إلى الإضراب في القطاع الخاص، اعتبرت المحكمة الدستورية أن المادة 12 لا تتضمن ما يخالف الدستور، شريطة ألا يسمح النص التنظيمي الذي سيحدد كيفيات تطبيقها بإحداث أوضاع أو آليات إضافية للدعوة إلى الإضراب داخل المقاولات أو المؤسسات، غير تلك المحددة في المادة نفسها، وألا يتجاوز نطاق التفويض الذي أسنده المشرع إلى هذا النص التنظيمي.

أما بخصوص المواد 13 و14 و15، التي تحدد آجال الإضراب، فقد أكدت المحكمة الدستورية أن تحديد آجال التبليغ بقرار الإضراب وفق نطاقه القطاعي والترابي، واشتراط الفورية في حالة الإضراب الناتج عن خطر حال، إضافة إلى تحديد البيانات الإلزامية في قرار الإضراب، كلها مقتضيات لا تشكل قيودا غير متناسبة أو تمس بجوهر الحق، بل تتماشى مع المبادئ والالتزامات الدستورية، خاصة الفقرة الثالثة من الفصل 8، والفقرة الأخيرة من الفصل 21، والفقرة الثالثة من الفصل 35، والفقرة الأولى من الفصل 154 من الدستور.

أما على مستوى العقوبات الواردة في المواد من 23 إلى 30، والتي تهم المخالفين لمقتضيات القانون في ممارسة الإضراب، فقد اعتبرت المحكمة أن هذه العقوبات لا تتعارض مع الدستور.

وأوضحت أن القانون التنظيمي للإضراب لا يكتمل دون جزاءات تضمن التقيد بشروط وكيفيات ممارسة هذا الحق، كما أن العقوبات المحددة تراعي التوازن بين طبيعة المخالفة والمركز القانوني لمرتكبها، دون المساس بجوهر الحق في الإضراب أو بحرية المبادرة والمقاولة التي يكفلها الدستور.

ولا ترى المحكمة أن توفير القانون طبقا للمادة 19 الصلاحية لرئيس الحكومة في ظل عدد من الأوضاع السياسية والطبيعية والأزمات لمنع الإضراب مخالف للدستور، مشددة على أن المشرع، لئن لم يحدد ما يراد في مدلول هذا القانون التنظيمي بحدوث آفات وكوارث طبيعية وأزمة وطنية حادة، فإن ما تتيحه هذه المادة لرئيس الحكومة للأمر بمنع الإضراب أو وقفه، يجب أن يبقى منحصرا في حدود ما تقتضيه الضرورة وألا يتجاوز القدر الذي يتناسب مع متطلبات درء ما يترتب بالتأكيد عن هذه الوضعيات من آثار، أي من مساس بالنظام العام وحقوق المواطنين، ولا سيما ما يهدد حقوق الأفراد في سلامة أشخاصهم، وأقربائهم وممتلكاتهم، المكفولة بمقتضى الفقرة الأولى من الفصل 21 من الدستور.

وانتصر القرار لمضمون المادة 18 الذي يجيز للمقاولة اللجوء إلى القضاء الاستعجالي في حال المساس بحرية العمل أثناء سريان الإضراب، معتبرا إياه دستوريا، والحال ذاته بالنسبة للمادة 17 المتعلقة بإمكانية توقيف الإضراب من قبل الجهة الداعية له في حال التوصل إلى اتفاق واستئنافه في حال إذا تعلق الأمر بدواعيه نفسها.

وفيما يتعلق بالمادة الأولى الواردة في الباب الأول المتعلق بأحكام عامة، قالت المحكمة إنها لئن كانت لا تنصب على شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب التي حددها الدستور كموضوعات للقانون التنظيمي المحال، فإنها لا تكتسي صبغة قانون تنظيمي، وتابعت: مجرد التذكير فيها بالمرجعيات والمواثيق والمبادئ الدولية ذات الصلة بممارسة حق الإضراب، وبحقوق مضمونة في الدستور وبأهداف ومبادئ وغايات مستفادة من أحكامه، لا يعد في حد ذاته مخالفا للدستور.

المصدر

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

Related Posts

14 مارس 2025

“نشرة حمراء” توقع بمواطن فرنسي في يد الأمن المغربي

14 مارس 2025

“حماس” تؤكد تمسكها باتفاق وقف إطلاق النار

14 مارس 2025

جماهير الوداد ممنوعة من التنقل إلى طنجة

14 مارس 2025

ترامب يوجه بإلغاء عقود وكالات الأنباء العالمية