كتب في 18 مايو 2025

أغلب المستفيدات نساء.. نهاية معاش المطلقين في بلجيكا لهذا السبب

أغلب المستفيدات نساء.. نهاية معاش المطلقين في بلجيكا لهذا السبب

ناظورسيتي: متابعة

في خطوة تحمل أبعادًا اجتماعية واقتصادية عميقة، أعلنت الحكومة الفيدرالية البلجيكية عن شروعها في إلغاء تدريجي لنظام "معاش الزوج المطلق"، الذي ظل لعقود يمثل ملاذًا ماديًا لآلاف المطلقين، لا سيما النساء اللواتي لم يسبق لهن العمل أو لم تسعفهن الظروف المهنية لتجميع معاش مستقلّ كافٍ.

هذا النظام، الذي يُضاف فيه مبلغ شهري إلى المعاش الأصلي للمطلق بناء على سنوات عمل الزوج أو الزوجة السابقة، لطالما وُصف بكونه أحد بقايا حقبة اجتماعية تقليدية، حيث كانت تعتمد شريحة واسعة من النساء على الشريك كمصدر دخل رئيسي أو وحيد. لكن الزمن تغيّر، ومعه تغيّرت أنماط العلاقات وسوق الشغل، لتجد الدولة نفسها أمام منظومة معاشات تعتبرها اليوم "غير عادلة"، بل ومكلفة بشكل مفرط.

فحسب ما كشفت عنه الحكومة، فإن "معاش الطلاق" كلّف خزينة الدولة أكثر من 400 مليون يورو خلال السنة الماضية وحدها، مقارنة بـ246 مليون يورو سنة 2020، في تضخم مالي أثار استغراب السياسيين، ودفع بعضهم، من أمثال النائب Axel Ronse عن حزب N-VA، إلى التشكيك في جدية بعض الطلبات، ملمحًا إلى وجود حالات تحايل ممن وصفهم بأنهم "اكتشفوا طريقة لرفع معاشهم دون أن يتأثر معاش شريكهم السابق".

ويستفيد اليوم أكثر من 170 ألف شخص من هذا النظام، بمعدل 160 يورو شهريًا، وهو مبلغ قد يبدو بسيطًا في الظاهر، لكنه يُحدث فارقًا كبيرًا في حياة من لا يملكون أي مصدر دخل آخر، ليرتفع متوسط معاشهم إلى حوالي 1,580 يورو شهريًا.

غير أن الحكومة، وفي سياق إصلاح شامل لنظام التقاعد، قررت المضي في إلغاء هذا النظام تدريجيًا خلال أقل من عشر سنوات. إذ لن يتأثر المستفيدون الحاليون، فيما سيُستبعد منه من سيبلغ سن التقاعد مستقبلاً. التوقعات تشير إلى تراجع سنوي بنسبة 1.5% في عدد الطلبات، وهو ما سيقود تدريجيًا إلى اختفاء النظام تمامًا بحلول منتصف العقد المقبل.

من وراء هذه الخطوة، تهدف الحكومة إلى توحيد أنظمة التقاعد، وإزالة التفاوتات التي نشأت بين المتزوجين وبين من اختاروا الصيغ القانونية البديلة مثل "العيش المشترك المسجل"، والتي لا تتيح لهم الاستفادة من نفس الامتيازات، رغم تطابق شروط المعيشة والضرائب. كما أن الموظفين العموميين لم يكونوا مشمولين بهذا النظام أصلًا، ما أفرز تفاوتًا صارخًا بين القطاعين العام والخاص.

ويصف مكتب وزير المعاشات يان يامبون هذا القرار بأنه إصلاح ضروري وواقعي، يعكس التحولات الاجتماعية في بلجيكا، حيث بات من غير المنطقي الاستمرار في دعم نموذج أسري تقليدي لا يعكس طبيعة العلاقات اليوم. كما أشار البيان الصادر عن مكتبه إلى أن النظام لم يُشكل سوى 6% من طلبات التقاعد الجديدة عام 2023، ما يثبت تراجعه التدريجي قبل حتى أن يتم اتخاذ قرار الإلغاء.

غير أن هذا التحول يثير أيضًا تساؤلات حقيقية حول مصير النساء الأكبر سنًا، اللواتي لم يتمكنّ من الاستقلال المادي في فترة شبابهن. فبالنسبة لهؤلاء، لم يكن "معاش الطلاق" مجرد امتياز إضافي، بل ضمانة للكرامة بعد سنوات من التبعية الاقتصادية، في نظام مجتمعي كان يُكرّس اعتماد المرأة على الرجل.

في بلد يفتخر بنموذجه الاجتماعي، يشكل قرار كهذا مفترق طرق بين ماضٍ يُطوى وحاضرٍ يفرض منطق المساواة التامة، لكنه يتطلب أيضًا حلولًا انتقالية تراعي الهشاشة القائمة. وبين الحاجة لتخفيض تكاليف المعاشات، والسعي لعدالة اجتماعية أكثر شمولًا، تفتح بلجيكا فصلًا جديدًا من إصلاحات التقاعد، لكنها تُدرك جيدًا أن هذا الفصل لن يُكتب بلا جدل.

المصدر

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

Related Posts

18 مايو 2025

عملية بحرية تحبط تهريب حشيش ووقود قبالة سواحل ألميريا

18 مايو 2025

عملية أمنية تفشل محاولة تهريب أطنان من الشيرا داخل شاحنة رخام مغربية

18 مايو 2025

القنصلية المغربية تقرّب خدماتها من الجالية في وسط إسبانيا

18 مايو 2025

بينهم آلاف المغاربة.. قاصرون مهاجرون في قلب تقرير حقوقي إسباني