ناظورسيتي: متابعة
في تصريحات غير مسبوقة، عبر الجنرال الإسباني المتقاعد سلفادور فونتينيلا عن قلقه الشديد إزاء ما وصفه بـ"التهديد الحقيقي" الذي يشكله المغرب على مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، معتبرًا أن الرباط لم تتخل يوما عن مطالبها التاريخية بشأن الثغرين، وأنها تتحيّن الفرصة المناسبة لإعادة فتح هذا الملف.
وفي مقابلة مع صحيفة El Independiente الإسبانية، أكد فونتينيلا، الذي يُعد من الأسماء البارزة في الأوساط العسكرية، أن المغرب لا يكتفي بإطلاق تصريحات إعلامية حول سبتة ومليلية، بل يعتبر هذه القضية "ملفًا وطنيًا استراتيجيًا"، قد يعود إلى الواجهة في أية لحظة تراها الرباط مواتية.
الجنرال، الذي سبق له أن تولى مناصب حساسة داخل المؤسسة العسكرية الإسبانية، استند في تحليله إلى ما اعتبره "سوابق تاريخية" للمغرب في استرجاع أراضيه، مشيرا إلى تجارب سابقة مثل استرجاع سيدي إفني والأقاليم الجنوبية، بالإضافة إلى واقعة جزيرة "ليلى" سنة 2002.
وأكد فونتينيلا أن المغرب "لا يهدد عبثًا"، بل يتحرك بدقة حين تسنح الفرصة، مستندا في ذلك إلى تحالفات دولية قوية مع قوى كبرى مثل فرنسا والولايات المتحدة.
وأضاف أن "الخطأ الأكبر" الذي ترتكبه إسبانيا هو اعتقادها بأن انتماءها للاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي يوفر الحماية لسبتة ومليلية، في حين أن المدينتين لا تدخلان فعليا ضمن نطاق الحماية العسكرية لأي من الهيئتين.
وفي انتقاد مباشر للسياسة الخارجية الإسبانية، عبر الجنرال المتقاعد عن رفضه للموقف الذي اتخذته حكومة بيدرو سانشيز حيال قضية الصحراء المغربية، معتبرا أن دعم مدريد لمقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب كان بمثابة "تنازل مجاني"، شجع الرباط -بحسب قوله– على مواصلة الضغط دون تقديم مقابل سياسي بشأن مستقبل الثغرين.
ورغم حدة التصريحات، حرص فونتينيلا على التوضيح بأن المغرب "ليس عدوًا"، وإنما "خصم جيوسياسي" في منطقة مضيق جبل طارق، داعيا صانعي القرار في مدريد إلى أخذ هذا المعطى بجدية وعدم الاستهانة بتغير موازين القوى في شمال إفريقيا.
من جانب آخر، يرى مراقبون مغاربة أن تصريحات الجنرال الإسباني تعكس قلقا متزايدا لدى بعض النخب الأمنية في إسبانيا من الصعود المتنامي للدور الإقليمي والدولي للمملكة المغربية، لا سيما بعد نجاحها في بناء شراكات استراتيجية مع عدة دول إفريقية وأوروبية، وفرض نفسها كقوة إقليمية صاعدة.
ويؤكد المتتبعون أن المغرب، رغم تمسكه الثابت بسيادته على سبتة ومليلية، ينتهج في تعامله مع هذا الملف مقاربة عقلانية ومتدرجة، تزاوج بين العمل الدبلوماسي والحوار السياسي من جهة، وتعزيز العمق الاقتصادي والأمني للمنطقة من جهة ثانية، في أفق خلق واقع جديد على الأرض.
المصدر
تعليقات الزوار ( 0 )