بقلم: محمد إنفي
لقد كان للفريق الوطني المغربي لكرة القدم الفضل في إدخال الفرحة والسرور على قلوب وإلى بيوت مئات الملايين من عرب ومسلمين، أفارقة وأسيويين، أمازيغ وعبريين، أمريكيين وأوروبيين حتى أصبح اسم المغرب يكاد يكون على كل لسان في أرجاء المعمور. لقد حقق الفريق الوطني إشعاعا عالميا للمغرب، لا يقدر بثمن، ولا عزاء للحاقدين والناقمين، المرضى بعقدة المغرب المزمنة.
لكن الفرحة التي غمرت أرض فلسطين، لا فرق في ذلك بين غزة والضفة، ولا بين هذا الفصيل أو ذاك، كان لها طعم خاص ورمزية كبيرة تحمل، في طياتها، قيما أخلاقية وإنسانية وثقافية وحضارية… لقد عمت الفرحة المغربية كل البيوت، فجعلت الفلسطينيين، رجالا ونساء، أطفالا وشيوخا، يعبرون عن هذه الفرحة بتلقائية كبيرة وأخوة صادقة؛ مما أغضب تجار القضية الفلسطينيين.
لقد عاين هؤلاء التجار الجماهير الفلسطينية بكل أطيافها وشرائحها، وهي تحتفي بإنجازات أسود الأطلس، وسمعوها وهي تهتف باسم المغرب، ورأوها وهي ترفع علمه عاليا خفاقا؛ ولم تكن صور جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، غائبة عن هذه الفرحة الفلسطينية العارمة، وهذه الاحتفالية المُبهرة، فأيقن تجار القضية أن شعاراتهم لا تأثير لها على الشعب الفلسطيني لعدم صدقيتها ومصداقيتها؛ كما أن مراهنتهم على مناهضة التطبيع باسم الممانعة – ادعاء طبعا لا حقيقة، كوسيلة لخداع الشعب الفلسطيني وكل الشعوب العربية التي تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها – قد فشلت فشلا ذريعا.
لذلك، جن جنونهم وخرجوا عن طورهم، فصبوا جام غضبهم على الشعب الفلسطيني، بأساليب لا أخلاقية تنم عن مدى انحطاطهم السلوكي والإنساني، وتكشف عن مدى كذب شعاراتهم سواء فيما يخص القضية الفلسطينية أو الوحدة العربية؛ وكشفت هذه الأساليب الدنيئة للعالم أجمع مدى الغل والحقد الذي يكنه تجار القضية الفلسطينية للمغرب ولشعب المغرب.
المقصود بهذه الإشارة واضح طبعا وضوح الشمس، لقد سلط النظام الجزائري أبواقه للتهجم على الشعب المغربي والشعب الفلسطيني معا، بسبب تعبير هذا الأخير عن فرحته بإنجازات أسود الأطلس؛ وكيف لا يفعل النظام العسكري ذلك، وقد اعتقل (اعتقل جنودا لإظهارهم الفرحة بانتصار المغرب) وعزل لنفس السبب؛ إذ تم عزل مدير التلفزيون العمومي لمجرد أن نشرة الأخبار أوردت اسم المغرب كمتأهل للمربع الذهبي في مونديال قطر 2022.
فكم نحن سعداء بفرحة الشعب الفلسطيني بانتصارات فريقنا الوطني! وكم نحن فخورون بوعي هذا الشعب الذي أعطى درسا قاسيا للمتاجرين بقضيته! فهذا الشعب البطل يعرف من يتاجر بقضيته، ومن يتبناها حقا وحقيقة ويدافع عنها بكل صدق وعزيمة، دون مِنَّة ولا تباهٍ أو تبجُّح.
فشكرا للشعب الفلسطيني على تعرية حقيقة المتاجرين بقضيته، وشكرا لأسود الأطلس الذين أعطوا له الفرصة لإظهار هذه الحقيقية، ففرحة الفلسطينيين بانتصارات أسود الأطلس، كانت بمثابة سكين حاد غُرس في قلب النظام الجزائري وفي قلوب أبواقه وقلوب كل المبرْدَعين من أتباعه، أينما وجدوا.
تعليقات الزوار ( 0 )