ناظورسيتي: متابعة
تحول ميناء أنتويربن البلجيكي إلى مرآة مرعبة تعكس تصاعد الجريمة المنظمة في أوروبا، بعد أن تجاوز عدد الموقوفين في قضايا "استخراج المخدرات من الحاويات" خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2025، مجموع ما سجلته السنة الماضية بالكامل.
131 شخصاً تم اعتقالهم حتى نهاية أبريل، مقابل 128 حالة توقيف في عام 2024، من بينها 98 مرتبطة مباشرة بعمليات الاستخراج. لكن ما يُثير القلق أكثر من الأرقام هو التحول النوعي في طبيعة الفاعلين، لا سيما مع الانفجار في عدد القاصرين المتورطين، حيث تم تسجيل 31 حالة في صفوف أطفال دون السن القانوني، مقارنة بـ16 فقط في السنة الماضية.
واحدة من أبرز هذه الحالات تمثّلت في توقيف طفل هولندي يبلغ من العمر 13 سنة، برفقة شاب في الثانية والعشرين، وهما يحومان حول حاوية تضم 58 كيلوغراماً من الكوكايين. هذه الصورة تختصر حجم الخطر الاجتماعي الذي أصبح يهدد الموانئ الأوروبية.
المعطيات الأمنية تؤكد أن أغلب الموقوفين ينحدرون من بلجيكا (47 حالة) وهولندا (61 حالة)، في حين تبرز جنسيات أخرى منها المغربية، الفرنسية، والألبانية، مما يعكس الطبيعة الدولية لهذه الشبكات التي تعتمد بشكل كبير على تجنيد شباب بدون عنوان قار، يستقدمون من أحياء هامشية في روتردام وأنتويربن ومناطق أخرى.
ومن المفارقات أن المراقبة المشددة والدوريات الإضافية حول الميناء، التي تم تفعيلها منذ العام الماضي، ساهمت بالفعل في تقليص حجم الشحنات الكبرى، إلا أن شبكات التهريب غيّرت من استراتيجيتها، لتنتقل إلى إدخال كميات أصغر وتوظيف مجموعات محدودة من "المستخرجين"، وهو ما يجعل تتبعهم أكثر صعوبة.
السلطات البلجيكية تدق ناقوس الخطر، ليس فقط بسبب ارتفاع عدد التوقيفات، ولكن لأن العصابات باتت تستهدف الأطفال عمداً، مستغلة ضعف المتابعة القانونية للقاصرين، وسرعة تعويضهم بعناصر أخرى في حال اعتقالهم، مما يشير إلى درجة عالية من الاحتراف والتنظيم داخل هذه الشبكات.
التقارير الأمنية لا تستبعد أن يكون استغلال الأطفال أحد الأساليب الاستراتيجية الجديدة للمافيا الدولية، خاصة في ظل التشريعات الأوروبية التي لا تسمح بمعاقبة القاصرين بنفس الحزم المطبق على البالغين.
تعليقات الزوار ( 0 )