تعيش منصة “Booking”، العملاق الهولندي لحجوزات السفر والفنادق عبر الإنترنت، واحدة من أصعب لحظاتها منذ نشأتها، بعد أن باتت تواجه تحركات قضائية غير مسبوقة في أوروبا، تطالبها باسترداد “العمولات الزائدة” التي حصلت عليها على مدار العقدين الماضيين.
وفي هذا الإطار، قادت مجموعة من جمعيات مهنيي الفندقة في 25 دولة أوروبية دعوى قضائية جماعية ضد “Booking”، تطالب فيها باسترجاع ما وصفته بـ”الزيادات غير المستحقة” من العمولات التي حصلت عليها المنصة خلال العشرين سنة الماضية.
وتستند هذه المبادرة إلى قرار محكمة العدل الأوروبية الصادر في 19 شتنبر 2024، والذي اعتبر بنود المساواة في الأسعار التي تفرضها المنصة غير قانونية، كونها تمنع الفنادق من عرض أسعار أقل على مواقعها أو عبر قنوات أخرى، ما أضر بمبدأ التنافس الحر.
ورغم أن أوروبا اتخذت خطوات فعلية للحد من تغول “Booking”، إلا أن الوضع في المغرب لا يزال على حاله، حيث تفرض المنصة على الفنادق عمولات تتراوح بين 17% و23% عن كل حجز يتم عبرها، وتمنعها من تقديم أسعار تفضيلية على مواقعها الخاصة أو عبر وسطاء آخرين. ويُقدّر نصيب المنصة من السوق المغربي بنحو 25 إلى 30% من الليالي السياحية، ما يجعلها فاعلًا لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لكثير من الفنادق.
ويرى مهنيون في القطاع أن هذا الوضع غير متوازن، خاصة وأن وكالات الأسفار (T.O) هي الأخرى تقتطع عمولات تصل أحيانًا إلى 30%، مما يضع القطاع تحت ضغط مالي كبير، ويهدد استدامة عدد من المؤسسات الفندقية الصغيرة والمتوسطة.
هذا الوضع دفع الفنادق إلى البحث عن حلول بديلة، مما أدى إلى ظهور مهن جديدة مثل “مديري القنوات” الذين يسعون لتوجيه الحجوزات نحو القنوات الأكثر ربحية للمنشأة، وفق ما أورده موقع “leseco”.
أمام هذا الوضع، بدأت أصوات داخل المغرب تدعو إلى تدخل مجلس المنافسة لمراقبة ممارسات المنصة، خاصة ما يتعلق ببنود الاحتكار ومنع المنافسة.
ويأمل المهنيون أن يُصار إلى إلغاء شرط المساواة في الأسعار، كما حدث في الاتحاد الأوروبي، حتى يتمكنوا من التفاوض بحرية وتقديم عروض مغرية على مواقعهم الخاصة دون قيود.
ومع تزايد التحديات القانونية التي تواجه “Booking” على المستوى الدولي، يترقب أصحاب الفنادق المغاربة بحذر ما إذا كانت هذه التطورات ستفتح الباب أمام تدخل الجهات التنظيمية المحلية لضمان سوق أكثر عدلاً وتوازنًا في قطاع الضيافة بالمملكة.
تعليقات الزوار ( 0 )