متابعة
ضاقت بالشاب عثمان بوكشوض، الأرض بما رحبت، بعدما وجد نفسه يُطل من فراش المرض على سرير الموت.
فالمستشفى الخاص طلب من عثمان، 300 ألف درهم لإجراء عملية جراحية دقيقة في القلب.
لم يكن عثمان يملك من هذا المبلغ الضخم شيئا. قلبه يزداد مرضا وكمدا.. فالقلق يكاد يوقف عضلة قلبه إلى الأبد.
جمع بعض المحسنين نصف المبلغ المطلوب، ووجد عثمان نفسه أمام باب مسدود. الوقت يمر سريعا، وكذلك دقات قلبه المريض، الذي يحتاج إلى عملية جراحية مستعجلة.
هنا، خرج صديقه ورفيقه في السكن الجامعي نوح بوفرو، بفكرة من “خارج الصندوق”، عبر جمع التبرّعات بواسطة عربة صغيرة لبيع الفشار (يُطلق عليه محليا الذرا أو الكْلِيَّة) بالقرب من أحد المساجد.
أكثر من 430 كلم تفصل بين الصديقين. فنوح يسكن في مدينة كلميم، وعثمان المريض في مدينة مراكش . لكن لا مسافة تفصل بين القلبين.
ففي 7 نونبر الجاري، نشر نوح، مقطع فيديو على صفحته في “فيسبوك”، وهو يردد بحماسة: “الفشار.. الفشار، السلام عليكم ورحمة الله، اليوم سنبدأ حملة التبرع لصديقي ورفيقي في الدراسة الجامعية، وهو بحاجة ماسّة إلى عملية في القلب مستعجلة، ويوجد في حالة يرثى لها”.
وأضاف نوح، “أتمنى من الجميع أن يتبرّع ويساهم معنا.. مع انطلاق حملة التبرع”.
اتخذ نوح، من المسجد الأعظم بكلميم مكانا لحملته التضامنية، بدءا من صلاة العصر يوميا.
وحدد سعر الفشار من درهم واحد إلى 20 ألف درهم.
وكان عليه جمع نصف تكلفة العملية الجراحية، أي 15 ألف دولار، حداً أدنى.
بعدما نشر نوح الفيديو، تداوله رواد منصات التواصل الاجتماعي في أرجاء البلاد، لينطلق مركب النجاة لعله ينقذ صديقه عثمان.
بوادر الإبحار الأولى كانت ناجحة في خضم “أمواج” الأزمة التي لا تزال تثقل كاهل الأسر بسبب التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كورونا.
نوح، استعان بالله، وحرص على نشر حصيلة أيامه بشكل يومي على “فيسبوك”.
خلال اليوم الأول، استطاع أن يجمع 6481 درهما، بواسطة العربة وعلى الحساب البنكي الذي خصصه لذلك. وفي اليوم الثاني جمع المبلغ ذاته تقريباً.
في اليوم الثالث، تطوّع أحد أصدقائه في عملية البيع بغية دعوة معارف وأصدقاء آخرين للتبرع.
كما عمل نوح، في خطٍ موازٍ، على نشر ما تداوله الإعلام المحلي لمبادرته في صفحته “الفيسبوك”، للتعريف أكثر بها، وحث الناس على المساهمة في إنقاذ صديقه من براثن الموت.
وانخرط أصدقاء نوح في المساعدة بالبيع، واحدا بعد الآخر، ما عجل بجمع المبلغ المتبقي من تكلفة العملية خلال 10 أيام فقط، واستطاع الصديق الوفي أن يربح الرهان.
وأرسل نوح، إلى شقيق عثمان بمراكش، 160 ألف درهم ، في 17 نوفمبر، بغية إجراء العملية الجراحية في أسرع وقت ممكن، مع نشر وثيقة تثبت التحويل المالي.
الفرج
في فيديو بثه نوح عبر شبكات التواصل الاجتماعي، قال نوح، “10 أيام كانت كافية لجمع 160 ألف درهم”.
وأعرب نوح، عن شكره وامتنانه لكل من ساهم في حملته الإنسانية لإنقاذ صديقه.
وأردف: “تقبل الله من الجميع، وعثمان الآن في حاجة إلى دعائكم، وإن شاء ستنجح العملية الجراحية”.
ووصف جمع الأموال لصديقه المريض بـ”الرائع”، وأن الكلمات تخونه للتعبير.
وتمنى أن يستمر التضامن بين المغاربة.. “لأن الله دائما يفتح أبواب الرزق.. والفرج”.
تعليقات الزوار ( 0 )