ناظورسيتي: متابعة
أعاد حادث انهيار العمارة السكنية في حي الحي الحسني بمدينة فاس، والذي أودى بحياة عشرة أشخاص وأصاب ستة آخرين، النقاش المؤلم حول خطر البنايات الآيلة للسقوط في المدن المغربية. هذه الفاجعة، التي صنفتها وزارة الإسكان ضمن البنايات ذات “الخطورة العالية” منذ سنة 2018، تكشف مجددًا عن هشاشة التعاطي مع هذا الملف المزمن، وغياب خطة وطنية ناجعة تُراعي البعد الاجتماعي وتضع الأرواح في مقدمة الأولويات.
فاس ليست المدينة الوحيدة التي تعاني من هذا الخطر، بل إن مدنًا أخرى، من بينها الناظور، تختزن قنابل موقوتة قد تنفجر في أية لحظة. ففي حي عري الشيخ، كما في الحي الإداري بالناظور، توجد منازل مهترئة مهددة بالانهيار في أية لحظة. وقد سبق أن انهار منزل في كل من هذين الحيين قبل سنوات، ولحسن الحظ لم يخلفا خسائر في الأرواح، لكن استمرار تجاهل الوضع من طرف الجهات المسؤولة قد لا يسلم من مأساة مستقبلاً.
إن الحادث المفجع الذي هز فاس لا يجب أن يُنظر إليه كواقعة معزولة، بل كجرس إنذار وطني يفرض تعبئة شاملة قبل أن تتحول مدن أخرى إلى مسارح لأحداث مشابهة. فالمقاربة المعتمدة حاليًا، والتي تقوم على الإفراغ دون بدائل سكنية مناسبة، لا تحقق سوى مزيد من التوتر والرفض من طرف الساكنة المتضررة.
في الناظور، كما في فاس، ترفض بعض الأسر مغادرة منازلها رغم صدور قرارات بالإفراغ، بسبب غياب التعويض الكافي أو البدائل السكنية الكريمة. وهو ما يستدعي تدخلاً عاجلاً من السلطات المحلية والجهوية، من خلال اعتماد برامج استعجالية حقيقية تعيد الثقة للمواطنين وتحمي حياتهم.
كما أن المجتمع المدني مدعو بدوره إلى التحرك بفعالية أكبر، خصوصاً في الأحياء التي تمثل نقاط خطر معروف، مثل عري الشيخ والحي الإداري. ويتعين تنظيم حملات توعية وتحسيس، وربط جسور الحوار مع السلطات من أجل تجنب تكرار مأساة فاس في الناظور أو غيرها من المدن.
فهل ستنتظر الدولة سقوط ضحايا جدد في الناظور حتى تتحرك؟ أم أن مأساة فاس ستكفي كدرس لفتح أعين المسؤولين واتخاذ قرارات جريئة تُنقذ أرواحاً قد تكون الآن في خطر داهم؟ الجواب لا يجب أن يتأخر.
تعليقات الزوار ( 0 )