ناظورسيتي: ماسين أ
في حوار مؤثر مع قناة الجزيرة، كشف السياسي الهولندي – المغربي، أحمد أبو طالب عن تفاصيل مسيرته الاستثنائية التي انطلقت من أعماق الريف، وتحديدًا من قرية بني سيدال النائية، لتتوج بتوليه منصب عمدة مدينة روتردام، ثاني أكبر مدينة في هولندا، كأول مسلم من أصل مهاجر يحقق هذا الإنجاز الفريد.
وتحدث أبو طالب بحرقة عن طفولته القاسية في بيت طيني بسيط، خالٍ من الكهرباء والماء، حيث كان يتوجه إلى المدرسة حافي القدمين وسط برد الشتاء القارس. وعلى الرغم من ظروف الفقر المدقع، فإن والدته شكلت له منبع القوة والإصرار، إذ دفعته نحو التعلّم وغرست فيه القيم الأولى للكد والاجتهاد.
وصل أبو طالب إلى هولندا في سن الخامسة عشرة، دون أن يعرف كلمة واحدة من اللغة الهولندية. لكن عزيمته القوية وسعيه إلى التفوق ساهما في اندماجه السريع داخل المجتمع الجديد، حيث جمع بين التعليم الديني في المعهد الإسلامي بلاهاي، والتعليم الرسمي الهولندي، مما مكنه من لعب دور الوسيط الثقافي بين مجتمعين مختلفين.
وانطلقت مسيرة أبو طالب المهنية من الإعلام، إذ بدأ بكتابة مقالات لصحف محلية قبل أن يلتحق بإذاعة إسلامية، وهناك برز صوته كمعلق اجتماعي.
وفتح هذا الحضور الإعلامي اللافت أبواب السياسة في وجه أيو طالب، حيث انضم إلى حزب العمال الهولندي وساهم في صياغة سياسات الاندماج، إلى أن عُين سنة 2004 نائبًا لوزير التعليم والثقافة.
وفي عام 2009، تم تعيينه عمدة لمدينة روتردام، وسط جدل سياسي ورفض من بعض التيارات اليمينية المتطرفة، لكنه سرعان ما كسب ثقة السكان بفضل استقامته، ووضوح رؤيته في محاربة الفساد وتعزيز قيم التعايش والانفتاح.
وأكد أبو طالب خلال المقابلة أنه لم يتخلَّ يومًا عن هويته الإسلامية والمغربية، بل ظل يفتخر بها حتى في أعلى مواقع المسؤولية. وكان يشير في خطاباته الرسمية إلى أحاديث نبوية وقيم دينية يرى فيها مصدرًا لبناء المجتمعات لا هدمها.
وختم رسالته بدعوة الشباب المنحدرين من أصول مهاجرة إلى عدم الاستسلام أو التردد، مشددًا على أن الجمع بين الاعتزاز بالجذور والولاء للوطن الجديد ليس تناقضًا، بل قوة قادرة على تغيير الواقع، تمامًا كما فعل ابن بني سيدال الذي أصبح رمزًا عالميًا للاندماج الناجح والقيادة النزيهة.
تعليقات الزوار ( 0 )