اعلن المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام متابعته بقلق بالغ الارتفاع المتواصل لأسعار عدد من المواد الأساسية، خصوصا في قطاعات حيوية مثل المحروقات الخضر والفواكه واللحوم والأسماك، حيث تتزايد الهوامش بين ثمن البيع في المصدر وسعره عند المستهلك النهائي بشكل غير مبرر، مما يفاقم الضغط على القدرة الشرائية
للمواطنين.
واعتبر المرصد أن هذا الوضع ليس مجرد نتيجة لوجود الوسطاء، بل يعكس أيضا فشل السياسات العمومية في ضبط الأسواق. إذ تم إرساء منظومة توزيع معقدة تشمل عدة مستويات من الوسطاء، مما أدى إلى تركيز المصالح في يد فئة قليلة من المضاربين في ظل غياب آليات رقابة فعالة. وعلى الرغم من التقارير الصادرة عن مؤسسات رقابية مثل مجلس المنافسة، التي كشفت عن اختلالات خطيرة في بعض القطاعات، إلا أن غياب الإرادة السياسية لتفعيل قوانين المنافسة واستمرار تضارب المصالح يزيد من تفاقم الوضع.
ولكل هذا دعا المرصد إلى فتح تحقيقات شفافة في القوة المتزايدة للمضاربين، لفهم كيف أصبحوا قادرين على التحكم في الأسعار وإضعاف آليات السوق. كما أصبح من الضروري طرح نتائج المخطط الأخضر” للنقاش، خصوصا فيما يتعلق بتأثيره على الأمن الغذائي وعدالة التوزيع، ومدى تحقيقه لأهدافه في تحسين الإنتاج الفلاحي وحماية صغار الفلاحين.
وللتعامل مع هذه الاختلالات طالب المرصد بفتح تحقيقات معمقة في آليات المضاربة والاحتكار، مع محاسبة الجهات المتورطة في رفع الأسعار بشكل غير مشروع، وإصلاح القوانين المنظمة للأسواق، وتجريم المضاربة والاحتكار مع منح مجلس المنافسة صلاحيات حقيقية لتفعيل الرقابة وفرض العقوبات الرادعة، مع مراجعة قوانين حماية المستهلك لتشمل تدابير أكثر صرامة تجاه التلاعب بالأسعار والشفافية في سلاسل التوزيع، ونشر معطيات دقيقة حول تكاليف الإنتاج وهوامش الربح.
كما تضمنت المطالب وفق بلاغ توصلت كشـ24 بنسخة منه، تفعيل آليات ضبط الأسعار في القطاعات الاستراتيجية وضمان شفافية التعاملات التجارية، بما يشمل إلزام الفاعلين الاقتصاديين بالإعلان عن طرق الأداء والفواتير، وتقوية المجتمع المدني وجمعيات حماية المستهلك عبر دعمها قانونيًا وماديًا لتلعب دورها في الدفاع عن حقوق المواطنين وكشف التجاوزات، ومحاربة تضارب المصالح عبر تشريعات تمنع الجمع بين صناعة القرار الاقتصادي والسياسي، ضمانًا لنزاهة المنظومة التشريعية والتنظيمية.
كما طالب المرصد الحقوقي بتعزيز البيع المباشر ودعم التعاونيات لتمكين الفلاحين والصيادين الصغار من الوصول إلى الأسواق دون الحاجة إلى وسطاء يرفعون الأسعار بشكل غير مبرر، مشيرا الى أن استمرار هذه الأزمة دون تدخل حقيقي يهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، ويعمق الفجوة بين المواطن والدولة، مشددا على أن الحل لا يكمن في إجراءات ظرفية، بل في إصلاحات هيكلية تعيد التوازن للأسواق وتضمن حماية المستهلكين من جشع المضاربين.
تعليقات الزوار ( 0 )