قضت غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بمراكش مؤخرا، بإدانة محام وزوجته المحامية ينتميان إلى هيأة مراكش، بتوقيفهما عن ممارسة المهنة لمدة سنتين وتحميلهما الصائر، بعد تورطهما في قضايا تتعارض مع قواعد وأعراف المهنة، إثر اتهامهما من قبل شخصين بالنصب عليهما، في ملف يتعلق بتحرير عقد بيع عقار محفظ، موضوع نزاعات قضائية.
واعتبرت المحكمة أن المحامي محرر عقد البيع والشراء يجب عليه التأكد من وضعية العقار وطبيعته القانونية قبل تحرير العقد، وأن يقوم بدوره في الإعلام والنصح والإرشاد، وإثارة انتباه الطرفين (البائع والمشتري) بالعملية التي يقومان بها، في إطار العقد المذكور، وألا يقوم بتحرير العقد الذي يكون موضوعه عقار محفظ، إلا بعد الاطلاع على شهادة الملكية والتأكد من تملك البائع للعقار ومن خلو الرسم العقاري من موانع التفويت، وهو ما يجعل الفعل المرتكب من قبل المحاميين يشكل مخالفة تأديبية في حقهما.
وحسب يومية “الصباح” التي اوردت الخبر، فقد أدين المحاميان، بعد تقدم شخصين بشكاية ضدهما، كشفا فيها أنهما اشتريا أربعة هكتارات مستخرجة من ملك عقاري بإقليم الحوز مساحته 30 هكتارا، بمبلغ 80 مليون سنتيم للهكتار الواحد، إذ تم توثيق عقد بيع عن طريق المحاميين المشتكى بهما، وهو العقد المصحح الإمضاء والمعرف الإمضاء بهيأة مراكش.
وصدم المشتريان عند مباشرتهما إجراءات تحفيظ العقار الذي تم شراؤه، بأن الملك هو موضوع عدة نزاعات بالمحكمة، وأن المشتكى بهما (المحاميان) كانا يعلمان بالوضعية القانونية غير السليمة للعقار، نظرا لأنهما كانا ينوبان عن البائع في النزاعات المرتبطة بهذا الملف.
ونظرا لخطورة الفعل المرتكب من قبل المحاميين قرر المشتريان التقدم بشكاية ضدهما، إلا أنه بعد دراسة الشكاية من قبل نقيب هيأة المحامين بمراكش، أصدر قراره بحفظها، ليتم الطعن فيها من قبل النيابة العامة، وفتح لها ملف بغرفة المشورة، صدر بشأنه قرار قضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإحالة الملف من جديد على مجلس الهيأة لمواصلة إجراءات المتابعة.
وبعد إحالة القضية على المجلس التأديبي، لم يصدر قرار بشأنها، رغم مرور مدة ستة أشهر المنصوص عليها في المادة 70 من قانون المحاماة، مما يعتبر أنه بمثابة اتخذ قرار ضمني بعدم المؤاخذة، وهو القرار موضوع الطعن الحالي.
وتقدمت النيابة العامة بالطعن ضد قرار هيأة المحامين بمراكش، باعتبار أنه لا يرتكز على أي أساس، ومجانب للصواب عندما قضى بعدم المؤاخذة ضمنيا، في حين أنه يتعين على محرري العقود قبل إبرامها التأكد من مطابقة العقد المراد إبرامه مع الأحكام التشريعية والتنظيمية التي تؤطره من أجل توفير الحماية اللازمة لطرفي العقد، والتي تتمثل في تسلم البائع الثمن والمشتري بتسلم العقار سالما وسليما من كل عيب أو نزاع قد يمس بحقوق المشتري.
وشددت النيابة العامة على أنه كان يتعين على المحاميين محرري العقد الاطلاع على كل الجوانب المرتبطة بالعقار موضوع البيع، من أجل ضبط المعاملة واقعا وقانونا لتوفير عدالة وقائية للعقود التي تبقى السبب الرئيسي الذي دفع المشتريين للجوء إلى جهة خول لها القانون تحرير العقود لإضفاء الأمن التعاقدي على المعاملات العقارية، وهو ما يجعل المشتكى بهما لم يتقيدا أثناء تحريرهما لعقد الشراء الرابط بين الطرفين، بما يفرضه عليهما القانون، والتمست بإلغاء القرار المطعون فيه والحكم بمؤاخذة المشتكى بهما.
تعليقات الزوار ( 0 )