ناظورسيتي:
في خطوة غير مسبوقة، دخلت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة في مواجهة مفتوحة مع شبكة واسعة من المستوردين المتورطين في تزوير فواتير استيراد وتقديم بيانات مضللة للتهرب من أداء مستحقات جمركية ضخمة.
مصادر مطلعة كشفت أن مصلحة المراقبة المركزية شرعت في توجيه “إشعارات غش” رسمية لعدد من الفاعلين الاقتصاديين، بعد أن أثبتت التحقيقات تورطهم في عمليات تلاعب واسعة، تجاوزت قيمتها الإجمالية 3 مليارات درهم.
وبحسب المعطيات، فإن الجهة الأكثر تضررًا من هذه التلاعبات كانت جهة الدار البيضاء-سطات، التي سجلت وحدها محاولات تهرب ضريبي تُقدّر بأزيد من مليار و150 مليون درهم، استنادًا إلى بيانات دقيقة حصل عليها المراقبون من وحدة مراقبة العمليات التجارية ووحدة مراقبة القيمة.
التحقيقات اعتمدت على أدوات متقدمة، أبرزها التعاون الدولي مع إدارات الجمارك الأجنبية والمنظمات المهنية الدولية، بالإضافة إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، التي ساعدت في تحليل بيانات ضخمة وتحديد العمليات المشبوهة بدقة بالغة، دون التأثير على سرعة المعاملات الجمركية.
السلع المستوردة التي طالتها الشبهات جاءت في الغالب من دول آسيوية وأوروبية، خاصة الصين وتركيا، حيث تم رصد فواتير تتضمن قيمًا متدنية جدًا مقارنة بالقيمة الحقيقية للبضائع، ما يشير إلى نية مبيتة في التهرب من أداء الرسوم الجمركية.
كما كشفت الأبحاث عن وجود تلاعبات في شهادات المنشأ لبعض السلع، ما يعزز فرضية وجود شبكة من المقاولات التي تستغل الإجراءات الجمركية مثل نظام “القبول المؤقت” لتمرير بضائع بتصريحات غير حقيقية.
وفي إطار تعميم الرقابة الذكية، استعانت إدارة الجمارك بما يسمى “المختبر الرقمي لتحليل المخاطر”، وهو نظام جديد يعتمد على الذكاء الاصطناعي وقواعد بيانات دولية، يمكنه تتبع التصريحات الجمركية لحظة بلحظة، وتحليل الأسعار المعتمدة في الأسواق العالمية بشكل آني، ما يتيح كشف التلاعبات وإرسال تنبيهات فورية لمصالح المراقبة.
ووفقًا لنفس المصادر، فقد لعب نظام “بدر” الإلكتروني دورًا حاسمًا في تنبيه الفرق الجمركية إلى تصريحات مشبوهة مصدرها شركات صورية، تم تحميل مسيريها المسؤولية القانونية الكاملة، وتفعيل الإجراءات الزجرية في حقهم، بما يشمل التحصيل والغرامات، وفق ما تنص عليه مدونة الجمارك.
التحقيقات لا تزال مستمرة، ومصادر من داخل الإدارة تؤكد أن مرحلة جديدة من التشدد والمحاسبة انطلقت، في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى القطع مع اقتصاد الفواتير الوهمية، وفرض احترام قواعد المنافسة والنزاهة التجارية.

كتب في 16 مايو 2025
تعليقات الزوار ( 0 )