كتب في 22 مايو 2025

تراجع الفقر متعدد الأبعاد في المغرب

شهد المغرب خلال العقد الأخير تحسنًا ملحوظًا في مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد، وفق ما أفادت به المندوبية السامية للتخطيط، التي سجلت تراجعًا ملحوظًا في نسبة السكان الذين يعيشون في وضعية فقر، من 11,9 في المائة سنة 2014 إلى 6,8 في المائة سنة 2024. هذا التراجع يُترجم على مستوى الأرقام بانخفاض عدد الفقراء من حوالي 4 ملايين إلى 2,5 مليون نسمة خلال الفترة ذاتها.

كما تراجعت شدة الفقر، المقاسة بمتوسط نسب الحرمان لدى الفقراء، بشكل طفيف من 38,1 إلى 36,7 في المائة. وتؤكد هذه النتائج إحراز تقدم مهم في تحسين ظروف عيش الأسر المغربية، خاصة من خلال تقليص أوجه الحرمان المتعددة التي تشمل التعليم، الصحة، والسكن.

وفي دراسة معنونة بـ”خريطة الفقر متعدد الأبعاد، المشهد الترابي والديناميكية”، أوضحت المندوبية أن مؤشر الفقر متعدد الأبعاد – الذي يقيس مجموع أوجه الحرمان لدى السكان – انخفض من 4,5 في المائة سنة 2014 إلى 2,5 في المائة سنة 2024.

غير أن هذه المكاسب لم تُلغِ التفاوتات المجالية العميقة، إذ لا يزال الفقر ظاهرة قروية بامتياز، حيث يقطن 72 في المائة من الفقراء في الوسط القروي سنة 2024، مقارنة بـ79 في المائة سنة 2014. كما أن الفقر القروي، رغم تراجعه من 23,6 إلى 13,1 في المائة، يبقى أعلى بأكثر من أربع مرات من نظيره الحضري (3,0 في المائة سنة 2024).

وبلغ معدل السكان في وضعية هشاشة (أي المعرضين للفقر بفعل حرمان معتدل بين 20% و33% من المؤشرات) 8,1 في المائة سنة 2024، مقابل 11,7 في المائة سنة 2014. ويعني ذلك أن نحو 3 ملايين شخص لا يزالون مهددين بالانزلاق إلى الفقر، 82 في المائة منهم يعيشون في الأوساط القروية، ما يعكس استمرار هشاشة البنية الاجتماعية في العالم القروي.

وبحسب المصدر ذاته، عرفت جميع جهات المملكة تراجعًا في معدلات الفقر متعدد الأبعاد، خاصة الجهات التي كانت تعاني من نسب فقر مرتفعة سابقًا، مثل مراكش-آسفي (انخفاض بـ7,9 نقاط مئوية)، بني ملال-خنيفرة (7,5- نقطة)، ودرعة-تافيلالت (6,7- نقطة).

في المقابل، سجلت الجهات الحضرية الكبرى والجنوبية – والتي كانت معدلات الفقر فيها منخفضة أصلًا – تراجعات محدودة، مثل جهة العيون-الساقية الحمراء (0,9- نقطة) والدار البيضاء-سطات (2,4- نقطة).

ورغم التراجع العام، لا تزال ست جهات تسجل معدلات فقر تفوق المتوسط الوطني، أهمها بني ملال-خنيفرة (9,8%) وفاس-مكناس (9,0%). كما أن نحو 70% من مجموع الفقراء يتمركزون في خمس جهات فقط، على رأسها فاس-مكناس، ومراكش-آسفي، والدار البيضاء-سطات.

الهشاشة تجاه الفقر تظهر بدورها تفاوتات جهوية لافتة، إذ تجاوزت المعدلات 11% في كل من درعة-تافيلالت ومراكش-آسفي، وتخطت المعدل الوطني في جهات فاس-مكناس، بني ملال-خنيفرة، وطنجة-تطوان-الحسيمة. وتضم هذه الجهات مجتمعة نحو 1,7 مليون شخص في وضعية هشاشة.

وعلى مستوى الأقاليم والجماعات، شهدت 93,8% من الجماعات المغربية تراجعًا في معدل الفقر، وبرز هذا التحسن بشكل أوضح في العالم القروي (95,5% من الجماعات) مقارنة بالحضري (88,4%). الأقاليم الأكثر فقرًا سابقًا، مثل أزيلال وشيشاوة والصويرة، عرفت أكبر الانخفاضات في معدلات الفقر.

وأكدت المندوبية السامية للتخطيط أن مقاربة قياس الفقر المطلق، القائمة حصريا على التوزيع الاجتماعي لنفقات الأسر، لا تعكس سوى جانبا جزئيا من الواقع المعيشي، إذ تغفل الحرمان المرتبط بالتعليم، والصحة، والسكن، وكذا الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية.

وفي المقابل، تأخذ مقاربة الفقر متعدد الأبعاد بعين الاعتبار الحرمان الذي تعاني منه الأسر والذي لا يقتصر على القدرة الشرائية، بل يشمل أيضا صعوبات الولوج إلى الحاجيات الأساسية، حيث تعتمد هذه المقاربة على ثلاثة أبعاد رئيسية، وهي: التعليم، والصحة، وظروف العيش، مرجحة بشكل متساوٍ.

وتصنف الأسرة كأسرة فقيرة، وفق خريطة المندوبية، إذا كانت تراكم حرمانا يُمثل ما لا يقل عن 33 في المائة من المؤشرات المعتمدة. وأكدت المندوبية أن هذه الخريطة تشكل أداة عملية لتوجيه السياسات المعتمدة الملائمة لخصوصيات كل مجال ترابي، وذلك بغية تحسين ظروف عيش السكان.

المصدر

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

Related Posts

23 مايو 2025

أيوب الكعبي يتألق أوروبيا ويتصدر هدافي الدوري الأوروبي

23 مايو 2025

مسجد باريس الكبير قلق من “وصم” المسلمين بسبب “الإخوان”

22 مايو 2025

اعتقال متهمين بتصدير أطنان من النفايات البلاستيكية للمغرب

22 مايو 2025

الأمير مودريتش يعلن الرحيل عن ريال مدريد