أسفرت حركة التنقيلات الجديدة التي أفرجت عنها وزارة الداخلية عن مغادرة 22 من رجال السلطة مدينة أسفي، حيث التحقوا بمدن أخرى، بعضهم ترقى في منصبه.
أشهر المغادرين لعاصمة عبدة، نجمة جائحة كورونا، (القايدة) “حورية بلصيق”، التي اشتهر اسمها سنة 2020، حين شدت أنظار المغاربة، بطريقة تواصلها مع الساكنة، في إطار التحسيس بخطورة الفيروس.
وانتشرت فيديوهات مسجلة على مواقع التواصل الاجتماعي توثق قفشاتها، وهي تصدر أوامرها للمواطنين، وتدعوهم إلى التزام بيوتهم تقيدا بالحجر الصحي الذي فرضته الدولة للحد من انتشار كوفيد 19.
“حورية” ستغادر أسفي، وترتقي من قائدة للملحقة الإدارية السابعة، إلى رئيسة منطقة حضرية بأصيلة بولاية طنجة، تاركة وراءها الكلمات التي كانت ترددها على مسامع المواطنين داخل الأحياء الشعبية، أيام كورونا، وصارت في ما بعد نكتا للتسلية يتبادلها الشباب بينهم.
اختارت حورية الحاصلة على دكتوراه في القانون العام سنة 2006 أن تتواصل مع المواطنين، بأسلوب عفوي، تهكمي أحيانا، ومشبعا بالدارجة المغربية، التي يتحدث بها أبناء الأحياء الشعبية.
تارة تحذر كامرأة سلطة، وأخرى تتوسل كأم تخاف على أبنائها، وتعتذر لباقي الأمهات عن ما يصدر عنها من ألفاظ قاسية، وتطالبهن بمنع أطفالهن من الخروج، والسهر على تدريسهم، “وليداتكم يدوها في قرايتهم، ومساخيط الوالدين حنا قادرين عليهم”.
تتعمد أن تخبر من يسمعها أنها ابنة الشعب، مثلهم، ولا يفوتها شيء عنهم، رغم ارتدائها بدلة عسكرية رسمية، ويسير تحت إمرتها عدد من أعوان السلطة، ورجال القوات المساعدة.
مرة كانت تنادي أحد التجار بواسطة مكبر الصوت الذي لا يفارق يدها، بسوق اعزيب الدرعي الشعبي شرق المدينة “آمول الخبز، آالحسين، والله لا بقات فيك، كنعرفك ديما مشاغب”، وتقول لآخر “العوينة سكت وسير لداركم”، حين حاول التنمر عليها، وتصيح في ثالث “واشريف كمَّل، وسير دخل لدارك وغبر، وغسل طرافك، واديها في ولادك”، “واطفي لكارو”.
ولم تنس الزبائن من توجيهاتها الصارمة “أش كتسنا خديتي لحوت، وسير خطوة رياضية، يا الله”. وتصيح في الجميع” يالله سيرو لديوركم كنعرفكم كاملين”.
كانت عباراتها التي اختارتها لمخاطبة الساكنة، لإخلاء الشارع العام من المواطنين، تنتزع من صدور الغاضبين الذين قهرتهم تبعات كورونا، ” قهقهات” مسلية قد تخفف شيئا من قلقهم على غير عادة رجال السلطة.
تنادي المواطنين والباعة الجائلين، وأصحاب الدكاكين، والنساء اللواتي يتفرجن عليها من النوافذ بصرامة، غير مبالية بمن يستهزؤون بأسلوبها الفريد، ” العالم كيموت ونتا تتكركر، على مزيناتك”، و”سير دخل لدارك غبَرْ عليَّ، وباركا من خيطي بيطي”.
هذه هي “حورية” ذات الوجه الطفولي، ابنة حي بورنازيل الذي كان يسكنه المعمرون الفرنسيون بالدارالبيضاء، وبعد الاستقلال(1956) سكنه عدد كبير من المغاربة، والتي اختارت لغة “الدارجة” للتواصل مع المواطنين، وهي الحاصلة على الإجازة في الحقوق ثم الماستر، وبعدها الدكتوراه.
كانت ضمن أول فوج نسائي ولج السلك العادي بالمعهد الملكي للإدارة الترابية بمدينة القنيطرة، حيث عينت كقائدة، بعد تخرجها سنة 2008، ثم انتقلت إلى بلفدير بالصخور السوداء بمدينة الدار البيضاء مسقط رأسها سنة 2013، بعدها بأسفي سنة 2016، وهاهي اليوم تغادر عاصمة السردين التي اشتهرت بها، تاركة وراءها سيرة وقاموسا من الكلمات، قد يتفق معها البعض، وقد يختلف معها آخرون. لكنها تركت نكتا مسلية ستتذكرها بها الساكنة، لتلتحق بشمال المملكة بالمدينة السياحية “أصيلة” لعلها تغير لغة خطابها حسب ما تقتديه لهجة وتقاليد الشمال.
تعليقات الزوار ( 0 )