في مشهد لا يليق بمدينة مراكش التي تستعد لاستقبال كبريات التظاهرات الرياضية العالمية، تحوّل شارع 11 يناير بمنطقة باب دكالة، قلب المدينة النابض، إلى فضاء مفتوح لعرض مآسي إنسانية واجتماعية صادمة، فكيف يُترك هذا الوضع يتفاقم في مدينة سياحية عريقة يفترض أنها في سباق محموم لتلميع صورتها تحضيرًا لكأس إفريقيا للأمم 2025 ومونديال 2030؟ ولماذا يغيب تدخل المسؤولين بينما تُعرض هذه المشاهد يوميًا أمام زوار المدينة وسياحها؟
على طول شارع 11 يناير، بمحاذاة محطة سيارات الأجرة الكبيرة ومحيط مركب الأطلسي، تتكرر ظواهر مؤلمة: مختلون عقليًا، مرضى نفسيون، مدمنون على الكحول ومتعاطون لمواد مُدمرة، ومتسكعون بلا مأوى، كيف تسمح السلطات بتجمّع هؤلاء الأشخاص في هذا الفضاء الحيوي دون تقديم أي رعاية أو دعم؟ هل فقدت المصالح الاجتماعية آليات التدخل أم أن هذه الفئات أصبحت خارج حسابات المسؤولين؟
المأساة لا تقتصر على المظهر الخارجي فقط، بل تمتد لتشمل حالات إنسانية مأساوية، حيث تظهر عليهم علامات الإهمال والمرض، في ظل غياب أي مجهود جماعي لاحتوائهم أو علاجهم، كيف يمكن لهذا الوضع أن يستمر دون أن يثير استنفارًا حقيقيًا؟ وهل يعقل أن يُسمح لمن يعانون اضطرابات نفسية وإدمانًا بقضاء حاجاتهم البيولوجية علنًا، أمام أنظار المارة والزوار؟
تمرّ آلاف السياح يوميًا من هذه المنطقة في طريقهم إلى دور الضيافة وحدائق ماجوريل، ويشهدون بعينهم هذه المشاهد التي تسيء لصورة المدينة، هل يدرك المسؤولون أن هذه المآسي تُوثق بالكاميرات وتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يعرّض سمعة مراكش العالمية للخطر؟ لماذا لا تتحرك الجهات المعنية لوقف هذا الانهيار الاجتماعي قبل أن تتحول هذه الصور إلى العلامة الأبرز للمدينة؟
في الوقت الذي تُطلق فيه الدولة أوراشًا ضخمة لتطوير البنية التحتية تحضيرًا لكؤوس عالمية، لماذا لا تتزامن هذه الجهود مع تأهيل العنصر البشري الذي يُمثل جوهر المدينة؟ كيف يمكن الحديث عن استضافة العالم بينما تُترك ظواهر التشرد والمرض والإدمان تستشري في أحياء المدينة؟ هل تُعَدّ هذه الأزمة الاجتماعية مؤشراً على هشاشة التخطيط المحلي والوطني؟
أين هي المصالح الاجتماعية؟ وهل هناك إرادة حقيقية للتدخل؟ هل هناك تخلي مقصود عن مسؤوليات تجاه هذه الفئات؟ أم أن النقص في الموارد والتنسيق هو السبب؟ كيف يمكن أن تبقى هذه الفئات تعيش على هامش المدينة دون أدنى حماية أو دعم؟ وهل سيتغير الوضع قبل فوات الأوان؟
مع تفاقم هذه الظاهرة، تتجدد الدعوات إلى تحرك عاجل من السلطات المحلية والمصالح الاجتماعية، عبر حملات ميدانية لإيواء المرضى النفسيين والمدمنين في مراكز متخصصة، وتقديم الدعم النفسي والصحي اللازم لهم. فهل ستستجيب الجهات المعنية لهذه الدعوات، أم أن مأساة هذه الفئات ستبقى عرضة للإهمال في ظل الاستعدادات الكبرى؟ ..
تعليقات الزوار ( 0 )