يعود ملف نيل المغاربة الصحراويين الجنسية الإسبانية إلى صدارة نقاش البرلمان الإيبيري، بعد مقترح تقدم به حزب بوديموس اليساري يروم منح الجنسية الإسبانية للمزدادين في الأقاليم الجنوبية قبل 26 فبراير من سنة 1976.
ومباشرة بعد هذا التاريخ خرج الاستعمار الإسباني من الأراضي الصحراوية، فباتت تحت السيادة المغربية والموريتانية، قبل أن تكمل الرباط وحدتها الترابية بانسحاب نواكشوط من المناطق الجنوبية واسترداد جميع المناطق الصحراوية.
ووافق 300 نائب على المقترح، وعارضه 150 من حزب العمال الاشتراكي (يقوده بيدرو سانشيز رئيس الحكومة). ومن المرتقب أن يفتح هذا القانون الباب أمام الأبناء والأحفاد لنيل تعويضات من المحاكم الإسبانية جراء التجاوزات التي طبعت مرحلة الاستعمار الإسباني للصحراء.
والقرار الذي صوت عليه البرلمان الإسباني، بمبادرة من المجموعة البرلمانية “وحدة -بوديموس”، التي تضم بوديموس واليسار الموحد، وبدعم من الحزب الشعبي، لا يتعلق بنص تشريعي نافذ ونهائي لمنح الجنسية الإسبانية للصحراويين من مواليد الفترة الاستعمارية.
ويأتي التصويت الحالي من أجل رفع هذا النص إلى مرتبة “مشروع قانون”، ليعرف مسارا تشريعيا بدءًا بمناقشته ووصولا إلى التصويت لفائدته أو ضده.
ورغم هذه الخطوات البرلمانية إلا أن المحاكم الإسبانية تسجل في بعض القضايا رفضا لمنح الجنسية لأفراد من الصحراء المغربية، وتبرر الأمر بكون الصحراء ليست أرضا إسبانية، وما جرى لا يتعدى كونه فترة استعمارية انتهت.
ولا يعني هذا القرار المحتجزين في مخيمات البوليساريو، باستحضار رفض القضاء الاعتراف بكل الدعاوى التي يرفعها النشطاء الانفصاليون بداعي عدم اعتراف مدريد بالوثائق التي تسلمها ما تسمى “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”.
نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، سجل أن “القرار حال اعتماده ستكون له تداعيات سياسية ولا شك، ونتائجه غير مضمونة بالنسبة للدولة الإسبانية بالدرجة الأولى؛ وفي الغالب سيتم نقاش هذه التداعيات والنتائج المحتملة لهذا القرار أو المشروع”.
واعتبر الأندلوسي أن “نقاشا مستفيضا شهده البرلمان الإسباني، لذا فإمكانية التصويت ضده واردة، وإن كان عدد المصوتين لفائدته البالغ 300 نائب، مقابل 150 نائب عارض و118 نائبا امتنع عن التصويت، يوحي بأن التصويت سيكون لفائدة اعتماده، إذا لم تستجد أمور توقفه”.
وأكد المتحدث ذاته أن “الأمر الذي يحتاج إلى تحليل هو توقيت التصويت على تبني هذا المشروع، ولماذا تخصيص الصحراويين دون سواهم بهذا القرار؟ ولماذا تم الأمر رغم حكم المحكمة العليا الإسبانية ضد المضمون نفسه في حكم سابق؟ ولماذا الآن بعد الموقف الإسباني الداعم للسيادة المغربية؟”.
وسجل المصرح لهسبريس أن “القرار سيفتح المجال لمطالبة الدولة الإسبانية بالتعويض عما ارتكبته من انتهاكات وجرائم في مستعمراتها السابقة، وهذا هو الملف الذي تتهرب من فتحه جميع الحكومات الإسبانية المتعاقبة، وحتى المجموعات البرلمانية المعارضة لا تطرحه بالجدية المطلوبة”.
نوفل بوعمري، الخبير في قضية الصحراء، نبه إلى شبكة تزوير الهوية التي تم ضبطها بالتراب الإسباني وكانت موضوع تحقيق قضائي، مؤكدا أنها كانت تقدم وثائق هوية مزورة لأشخاص غير منتمين إلى المنطقة.
وأوضح بوعمري أن “البعض يستغلها قصد الحصول على بطاقة الإقامة، وهو ما يجب أن ينتبه له، لأنه قد يؤدي إلى رفع عدد من يدعون أنهم صحراويون، وقد تستفيد منها البوليساريو على أساس أن المنتمين إليها من منطقة الصحراء”، وزاد موضحا: “لذلك فمنح الجنسية الإسبانية لا يمكن أن يتم بشكل منسجم مع تركيبة المجتمع الصحراوي دون انخراط شيوخ تحديد الهوية المقيمين بالأقاليم الصحراوية، تجنبا لأي استغلال سياسي وإجرامي لهذه العملية برمتها”.
كما لفت بوعمري الانتباه إلى تحفظ نواب الفريق الاشتراكي التابع للحزب العمالي الاشتراكي الإسباني على القانون، “وهو تحفظ يعكس وعي هذا الفريق ومعه الحزب بالمخاطر التي تحيق بهذه الإجراءات وبانعكاساتها الدبلوماسية، خاصة في حال تم استغلالها للإضرار بالثقة الموجودة بين المغرب وإسبانيا”.
تعليقات الزوار ( 0 )