شرعت الشرطة القضائية التابعة لولاية أمن مراكش، منذ أول أمس الإثنين 10 فبراير الجاري في تنفيذ أوامر الوكيل العام للملك، لتفعيل قرارات الاعتقال المشمولة بالحكم النهائي الصادر في حق المتابعين في أشهر ملف في المغرب والمتعلق بـ“كازينو السعدي”، بعد توصل النيابة العامة بمراكش بنسخة القرار الصادر عن محكمة النقض في دجنبر الماضي.
وانطلقت عناصر الشرطة القضائية في تفعيل أوامر الوكيل العام للملك، باستدعاء المدانين بعقوبات سالبة للحرية في ملف “كازينو السعدي” للمثول أمامها قصد اقتيادهم إلى السجن، غير أن عدم امتثالهم اضطر المصالح الشرطية إلى التوجه صوب مقرات سكنهم من أجل اعتقالهم، إلا أنها فوجئت باختفاء بعضهم، في حين تمكنت من توقيف البعض الآخر.
ووفق المعطيات التي توصلت بها “كشـ24″، يتعلق الأمر باختفاء محمد نكيل رئيس مجلس مقاطعة سيدي يوسف بن علي بمراكش وعضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، المدان ابتدائيا واستئنافيا بثلاث سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 40 ألف درهم، حيث لم يتم العثور عليه بمنزله ولا زال مختفيا حتى الآن.
كما شملت زيارات المنازل أيضا، منزل كل من أمردو لحسن المستشار السابق ببلدية المنارة–جليز، ورئيس مقاطعة جليز سابقا عبد الرحيم الهواري، وكذا المستشار الجامعي سابقا والكاتب السابق لحزب الاستقلال فرع المنارة عمر آيت عيان، والمستشار بنفس المقاطعة سابقا وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد المغربي للشغل عبد الرحمان العرابي، الذين اتضح أنهم غير موجدين في منازلهم، في الوقت الذي يتم فيه الترويج إلى وفاة أحدهم وإصابة الآخر بمرض الزهايمر.
وحسب مصادر الجريدة، فإن مصالح الأمن بولاية أمن مراكش، تجري أبحاثا مكثفة بتنسيق مع المصالح الدركية، للوصول إلى أماكن تواجد المتهمين المذكورين واعتقالهم.
ويشار إلى أن المصالح الأمنية تمكنت من اعتقال، ثلاثة متهمين في القضية المذكورة، يتعلق الأمر بالمتهم الرئيسي، الرئيس السابق لبلدية المنارة جليز عبد اللطيف أبدوح المدان بخمس سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 50 ألف درهم، وكذا نائب رئيس مجلس مقاطعة جليز، عبد العزيز مروان، كما جرى توقيف المستشار الجماعي محمد الحر على مستوى منطقة دوار الكدية.
وكان محكمة النقض بالرباط أصدرت قرارها النهائي، يوم الأربعاء 18 دجنبر 2024، بخصوص طلبات الطعن المقدمة من طرف المتابعين في الملف المذكور، وقررت رفض واسقاط طلب الطعن المقدم أمامها، مع تأييد الحكم الاستئنافي الصادر عن الغرفة الاستئنافية المكلفة بجرائم الاموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، في حق المعنيين بالأمر.
وكانت غرفة الجنايات الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بمراكش قد أيدت الحكم الجنائي الابتدائي الصادر في قضية كازينو السعدي، أي الحكم الذي سبق أن قضى بإدانة المتهم الرئيسي أبدوح بخمس سنوات حبسا نافذة وغرامة نافذة قدرها 50000 درهم، وعلى كل واحد من المتهمين السبعة الآخرين بثلاثة سنوات حبسا نافذة، وغرامة 40000 درهم، وبمصادرة وتمليك خزينة الدولة الشقق موضوع استفادة الأخير كرشوة بتجزئة سينكو.
كما قضت ذات المحكمة ببراءة المتهم (م.ا) من المنسوب إليه، وبراءة المتهم (أ.ا) من جناية المشاركة في تبديد أموال عمومية، وسقوط الدعوى العمومية في حقه بالنسبة للتهم الأخرى.
وتفجرت القضية، التي يعد فيها عبد اللطيف أبدوح، الذي شغل منصب رئيس بلدية المنارة جليز بين سنتي 1997 و2003، المتهم الرئيسي، عقب شكاية رفعتها الهيئة الوطنية لحماية المال العام بمراكش، حول عملية تفويت للأرض التي يقوم عليها فندق السعدي بمراكش والذي تم تشييده في الحي الشتوي بمراكش خلال فترة الاستعمار الفرنسي، بناء على اتفاق بين باشا مراكش التهامي الكلاوي وشركة فرنسية على منحها 12 ألف متر مربع مقابل سعر رمزي قدره فرنك فرنسي واحد للمتر المربع.
ونصت الاتفاقية الموقعة سنة 1930 على أن تقوم الشركة بتجهيز منطقة الحي الشتوي، وعلى استرجاع مدينة مراكش ملكية العقار والبنايات والتجهيزات بعد 75 عاما على توقيعها، وهي المهلة التي انتهت سنة 2005، غير أن مجلس بلدية المنارة قرر سنة 2001 في عهد المتهم الرئيسي في القضية، تفويت الأرض التي أقيم عليها “كازينو السعدي”، لأصحابه بثمن حدده في 600 درهم للمتر مربع، في الوقت الذي كان ثمن المتر المربع بالمنطقة يتجاوز مبلغ 15 ألف درهم، لتنطلق بعد ذلك أولى شرارات القضية، عام 2006، عندما تم تسريب شريط صوتي ينقل كواليس عملية التفويت، ويثبت تلقي أبدوح “رشوة” لتفويت الأرض، بلغت قيمتها ثلاثة ملايير سنتيم.
وعرف هذا الملف ركودا في دهاليز المحكمة، إلى أن تم فتحه من جديد عام 2012، في عهد المصطفى الرميد، وزير العدل السابق، وكانت المرحلة الابتدائية انتهت في فبراير من سنة 2015 بصدور أحكام تدين عبد اللطيف أبدوح وبعض المتهمين وبراءة آخرين، حيث تمت إدانة المتهم الرئيسي بخمس سنوات سجنا نافذا وغرامة قدرها 50 ألف درهم، وكذا بمصادرة الشقق التي يملكها بتجزئة سينكو بمراكش، على خلفية تهم “الرشوة وتبديد أموال عمومية، الاتفاق على أعمال مخالفة للقانون في إطار اجتماع أفراد يتولون قدرا من السلطة العامة، واستغلال النفوذ وتسليم رخص إدارية لشخص يعلم أنه لاحق له فيها”.
تعليقات الزوار ( 0 )