بين ضيعات بإقليم اشتوكة آيت باها، هناك عشرات الهكتارات من الأراضي كان من المنتظر أن تنتج طماطم تسوّق في مختلف ربوع المملكة، إلا أن الأمراض والفيروسات نالت منها.
هسبريس التقت عشرات الفلاحين بالمنطقة، أكدوا كلهم مشكلة أمراض حديثة ظهرت خلال العامين الماضيين وزادت حدتها هذه السنة، رفعت تكلفة الإنتاج، بل وقضت عليه، وهو ما جعل أسعار الطماطم ترتفع خلال الشهور الماضية. والمخيف أن جل هؤلاء الفلاحين أكدوا أنهم لن يزرعوا الطماطم خلال السنة القادمة، وهو ما يهدد بندرة مرتقبة تؤدي حتما إلى ارتفاع في الأثمان.
في هذا الإطار، قال أحمد آيت داود، فلاح بمنطقة اشتوكة آيت باها: “نعاني كثيرا من الأمراض التي تضرب المحصول وتقضي عليه، والتي زادت حدتها من سنة 2020 إلى اليوم”.
وعدد آيت داود أسماء هذه الأمراض والفيروسات: “توتا أبسولوتا، الفطريات مثل الباكتريوز، وغيرها”، موردا أنها انتشرت بشكل واسع في المنطقة، و”حتى الأدوية المعتادة لم تعد تقضي عليها؛ إذ اكتسبت مقاومة ضدها”.
وتواصلت هسبريس مع المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، الذي قال إن “حشرة توتا أبسولوتا هي حشرة قشرية الأجنحة تهاجم نباتات عائلة الباذنجانيات، وخاصة الطماطم والبطاطس، ويظهر الضرر على الأعضاء الهوائية للطماطم التي تنتجها اليرقات عندما تتغذى على نسيج ميسوفيل”.
وحسب معطيات “أونسا”، فقد تم الإبلاغ عن “توتا أبسولوتا” في المغرب لأول مرة في أبريل 2008 في منطقة الناظور، وتنتشر حاليًا في مناطق البستنة الرئيسية، بما فيها سوس ماسة.
من جانبه، أكد عبد العزيز المعناوي، رئيس جمعية اشتوكة للمنتجين الفلاحيين، أن “الأدوية لم تعد فعالة تجاه الأمراض التي تصيب الطماطم، ولم يعد لها أي تأثير”.
وأوضح المعناوي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “المشكل يكمن أيضا في غلاء هذه الأدوية”، معلقا: “كنا نشتري لترا واحدا من دواء توتا أبسليتا بحوالي 1600 درهم، اليوم ارتفع الثمن إلى 5000 درهم، وفعاليته قلت لأن الحشرة طورت مقاومة”.
ولمحاربة “توتا أبسوليتا”، يوصي “أونسا” بمراقبة الصحة النباتية للجذور، وهو ما يتيح رصد ومتابعة تطور أعداد الحشرات والتدخل في الوقت المناسب، موضحا أن “المراقبة تتم بطريقتين: الأولى بوضع ما يسمى بمصائد الفرمون: تركيب مصائد دلتا بالفيرومونات التي تجذب ذكور الحشرات. والثانية عن طريق المراقبة البصرية: فحص أعضاء النبات (الثمار، السيقان والأوراق) للكشف عن وجود اليرقات”.
ونبه المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية إلى وجوب أن “تتم المعركة ضد حافرة البندورة كجزء من نهج تحكم متكامل من خلال الجمع بين عدة طرق للمراقبة”.
وحث على الإجراءات الوقائية، وذلك بالتأكد من إحكام الصوبات الزراعية عن طريق تركيب شباك بلاستيكية واقية من الحشرات، والقضاء على الأوراق والفاكهة المصابة، وإزالة الأعشاب الضارة من البيوت البلاستيكية للقضاء على النباتات المضيفة.
كما دعا إلى القيام بعملية “الاصطياد الجماعي: عن طريق نصب عدد كبير من المصائد الفرمونية لالتقاط أكبر عدد ممكن من الحشرات البالغة، وبالتالي تقليل أعداد السكان في الصوبات”.
يضاف إلى ذلك، اعتماد ما يسمى بـ”الخلط الجنسي: عن طريق تركيب العديد من ناشرات الفرمونات في البيوت البلاستيكية لإشباع البيئة، وبالتالي تجنب التكاثر بين الذكور والإناث (منتج التشويش الجنسي معتمد من الأونسا)”.
وأوصى المكتب كذلك بعدم إغفال المكافحة البيولوجية، وذلك “عن طريق إطلاق الحشرات النافعة، وخاصة الحشرة المفترسة Nesidiocoris tenuis التي تتغذى على بيض الآفة الحشرية. ثم مراقبة المنتجات الصيدلانية النباتية”، مبرزا أنه “حاليًا، تم تسجيل 39 منتجًا من المنتجات الصيدلانية النباتية ضد Tuta Absoluta على الطماطم”.
تعليقات الزوار ( 0 )