بـ”شكل مؤقت”، لن يستطيع المغاربة تقديم استئناف في حالة تم رفض طلباتهم للحصول على تأشيرة لدخول الأراضي الألمانية، وذلك بسبب “الاكتظاظ الكبير في طلبات التأشيرة بألمانيا”.
وبحسب الموقع الرسمي للخارجية الألمانية، فإن “أقسام التأشيرات بألمانيا تعرف طلبات قياسية تتجاوز مستويات فترة ما قبل فترة كورونا، الأمر الذي استدعى وضع نظام تجريبي لتخفيف الضغط بكل من المغرب والصين وتركيا”.
وأضاف المصدر عينه أن “السلطات ستعمل على تعليق خيار الاستئناف في حالة رفض طلب التأشيرة لكل من مواطني المغرب وتركيا والصين، وذلك بشكل مؤقت، قصد تخفيف الضغط على أقسام التأشيرات”.
وبينت الخارجية الألمانية أن “أقسام التأشيرات الخاصة بها لم تعد تستطيع معالجة طلبات الاستئناف الكبيرة التي تتلقاها”، مؤكدة أن “النظام التجريبي الجديد سيستمر لمدة ستة أشهر انطلاقا من اليوم”.
وشدد المصدر سالف الذكر، في سياق تبريره للقرار، على أن “طلبات الاستئناف في حالة رفض طلبات التأشيرة مسألة قانونية ممنوحة بشكل طوعي، لكن غير منصوص عليها قانونيا”.
قرار غير مبرر
عبد الكريم بلغندوز، أستاذ باحث في شؤون الهجرة، قال إن “القرار الألماني غير بريء، إذ تبقى مبرراته واهية وغير واقعية، وراءها العديد من السيناريوهات المحتملة”.
وأضاف بلغندوز، في حديث لهسبريس، أن “اقتصار السلطات الألمانية على اختيار ثلاثة بلدان فقط، من بينها المغرب، ضمن لائحة الدول المطبق عليها القرار، يثير الكثير من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية لحرمان طالبي التأشيرات من هذه الدول من حق الاستئناف”.
“يأتي القرار كرد غير مباشر على انتقادات دول أوروبية للحكومة الألمانية حيال تساهلها في تقديم التأشيرات”، يبين المتحدث عينه، مؤكدا أن “العديد من الدول الأوروبية شكلت ضغطا كبيرا على حكومة ميركل السابقة بخصوص مسألة الهجرة، وهو ما تسعى الحكومة الحالية إلى تجاوزه”.
تجاوز حقوقي
من جانبه، قال هشام معتضد، خبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية، إن “قرار السلطات الألمانية تعليق خيار الاستئناف أمام المغاربة في حالة رفض طلب التأشيرة، يطرح إشكالية التمييز بين ما هو حقوقي وسيادي في تدبير الحقل الدبلوماسي للدول، إذ من منظور السياسة الخارجية للدول، فإن حق الولوج إلى التراب الوطني يعد امتيازاً يمنح للزائرين من طرف الدولة المضيفة، وليس حقا إلزاميا بالأساس، الأمر الذي يجعل القرار الألماني مشبوها”.
وأضاف معتضد، في حديث لهسبريس، أن “هذا التماس السياسي بين ما هو سيادي وحقوقي في مسطرة منح التأشيرات، هو ما يجب على السلطات الألمانية أخذه بعين الاعتبار، لأنها باتخاذها تعليق خيار الاستئناف تكون قد قامت بتحييد مبدأ من مبادئ الحقوق الكونية، ما يسيء بشكل مباشر لسياسة ألمانيا القانونية المتعلقة بالدفاع عن الترسانة الحقوقية في شموليتها المتعارف عليها دوليا”.
وتابع بأن “هذا القرار يعد تناقضا صريحا في التدبير الحقوقي للسلطات الألمانية، خاصة وأن اختيار تعليق خيار الاستئناف تم حصره في فئة معينة من الدول دون أخرى، دون مراعاة لأبجديات العدالة الحقوقية وسياسة تكافؤ الفرص المرتبطة بالمساطر الدبلوماسية للولوج إلى التراب الوطني الألماني”.
“اختيار المغرب إلى جانب كل من تركيا والصين لتطبيق هذا القرار، مرتبط بالأساس بالعدد الكبير لقضايا الاستئناف المطروحة من طرف مواطني هاته البلدان”، يوضح معتضد، قبل أن يستدرك بأن “هذا الأمر لا يشرع في كل الحالات والظروف سلب حق من الحقوق الكونية ومبدأ رئيسي في الثقافية الحقوقية، ألا وهو حق الاستئناف”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “القرار لا يستحق ردا سياسيا أو دبلوماسيا من المغرب، إذ هو مرتبط ببعد حقوقي محظ، يتعلق باحترام مكون من مكونات الترسانة الحقوقية على المستوى الدولي”، معتبرا في الوقت عينه أن “المنظمات الحقوقية الدولية، وغيرها التي تدافع عن الحقوق الإنسانية، هي التي عليها الضغط على السلطات الألمانية من أجل التراجع عن هذا القرار غير الحقوقي في تدبير المساطر الدبلوماسية”.
تعليقات الزوار ( 0 )