محمد العبوسي
احتضنت مدينة الناظور، يوم الثلاثاء 21 ماي 2025، الحفل الختامي لمشروع IZZOURAN، الذي نظمه المركز المتوسطي للدراسات الاستراتيجية والاجتماعية وإحياء التراث الإنساني، بشراكة مع مجلس جهة الشرق، وبدعم من وكالة Expertise France، في إطار برنامج PRIM الموجه لدعم مبادرات مغاربة العالم.
وقد استُهِل اللقاء بكلمة افتتاحية لرئيس المركز المتوسطي، الأستاذ يوسف قريش، الذي عبر عن اعتزازه بالمسار الذي قطعه المشروع منذ انطلاقه، مؤكدًا أن هذا العمل ما كان ليرى النور لولا تظافر جهود مختلف الشركاء المؤسساتيين والمدنيين، وعلى رأسهم مجلس جهة الشرق وولاية الجهة، بالإضافة إلى الانخراط الفعلي لممثلي المجتمع المدني المحلي، ومغاربة العالم.
وفي كلمة له بالمناسبة، أكد السيد عمر العزوزي، رئيس اللجنة الثقافية والرياضية والاجتماعية بجماعة الناظور، أن الجماعة تعتبر منفتحة على مثل هذه المبادرات، ومشجعة لها، لا سيما وأنها منخرطة بدورها في برنامج PRIM من خلال إحداث خلية خاصة باستقبال مغاربة العالم بمقر الجماعة، تُعنى بمواكبة هذه الفئة وتقديم الدعم المؤسساتي اللازم لها.
وتضمن الحفل ندوة فكرية حول الاستثمار ومغاربة العالم
شارك فيها نخبة من الأساتذة والفاعلين، افتُتحت بمداخلة للأستاذ المصطفى قريشي، أستاذ التعليم العالي ومنسق ماستر المنازعات القانونية والقضائية والذكاء الاصطناعي، والذي تناول تطور البنية الاقتصادية بإقليمي الناظور والدريوش منذ ثمانينات القرن الماضي، مرورًا من التهريب المعيشي إلى بروز أنشطة اقتصادية مهيكلة.
كما سلط الضوء على المؤهلات الاستثمارية التي تزخر بها المنطقة، ودعا مغاربة العالم إلى الانخراط في الأوراش الكبرى والمشاريع بعيدة المدى، مشددًا على ضرورة تجاوز النظرة النفعية الضيقة لمغاربة المهجر، والعمل على تقوية روابطهم بالوطن، وبأسرهم، وهويتهم الثقافية.
من جانبه، تطرق الأستاذ مراد بوشي، أستاذ زائر بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، والمتخصص في المجال الاقتصادي، إلى مسار تنزيل مشروع IZZOURAN، مُبرزًا مختلف مراحل التكوين والمواكبة التي استفاد منها المشاركون، منذ مرحلة الفكرة، مرورًا بالهيكلة، وصولًا إلى التنفيذ.
وقد أشار إلى أن المشروع اعتمد مقاربة تشاركية، حيث انطلقت المبادرات من المستفيدين أنفسهم، وتم تطويرها بناءً على حاجياتهم وطموحاتهم. كما أكد أن ثقافة ريادة الأعمال ليست مجرد شعار، بل هي نهج عملي يتطلب الجدية، والتفكير الاستراتيجي، وتطوير المهارات الذاتية، مشددًا على أن الاستثمار في الإنسان هو أساس أي تحول اقتصادي حقيقي.
أما الأستاذ صالح العبوضي، عضو مجلس جهة الشرق، المدير الإقليمي السابق لوزارة التربية الوطنية، ورئيس مركز الدراسات التعاونية للتنمية المحلية – سيكوديل، فقد أكد في مداخلته على أهمية الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، باعتبارها إطارًا مرجعيًا يرسم ملامح السياسات العمومية في علاقة الدولة بمغاربة العالم.
وأبرز أن هذه الفئة ليست فقط مصدرًا للتحويلات، بل فاعل اقتصادي رئيسي، يساهم بفعالية في الناتج الداخلي الخام، ويمتلك قدرات كبيرة يجب استثمارها في تحقيق التنمية الترابية.
كما دعا إلى إعادة النظر في طريقة تعامل المؤسسات مع مغاربة العالم، عبر تجاوز المقاربة الموسمية التي تختزل العلاقة في فترات العطلة أو المناسبات، والانتقال إلى شراكة دائمة تقوم على الثقة والاحترام المتبادل، وتعزيز الارتباط بالوطن والهوية والرابط الأسري.
وفي السياق ذاته، نوه العبوضي بالمجهود الذي قامت به الجمعية من خلال إعداد الدليل العملي للاستثمار، المستند إلى دراسة ميدانية دقيقة شملت إقليمي الناظور والدريوش، معتبراً أنه مرجع تطبيقي مهم سيساعد مغاربة العالم على فهم مناخ الاستثمار بالمنطقة. واختتم مداخلته باقتراح تشكيل شبكة أو ائتلاف للجمعيات الست المنخرطة في برنامج PRIM، كإطار دائم للتعاون والتنسيق، من أجل ضمان استمرارية المشروع وتحقيق أثره على المدى المتوسط والبعيد.
وفي فقرة تقديم الحصيلة العامة للمشروع، قدم الأستاذ محمد حاميدي، أستاذ بكلية الناظور والكاتب العام للجمعية، عرضًا شاملاً حول مراحل التنفيذ، وعدد المستفيدين، وأهم مخرجات المشروع، بالإضافة إلى توصيات تتعلق بتقوية آليات التكوين والمواكبة لفائدة مغاربة العالم الراغبين في الاستثمار في المنطقة.
واختُتم الحفل بتكريم عدد من الشركاء والمؤطرين والمساهمين في نجاح المشروع، في جو من التقدير والاعتراف الجماعي بالجهود المبذولة، قبل أن يُدعى الحضور إلى حفل شاي.
ويُعد مشروع IZZOURAN نموذجًا للمبادرات المندمجة التي تزاوج بين دعم الاستثمار، وتمكين الكفاءات المغربية بالخارج، وتعزيز أدوار المجتمع المدني المحلي، ضمن رؤية منسجمة مع توجهات الجهوية المتقدمة، والاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالهجرة والتنمية.
المصدر
تعليقات الزوار ( 0 )