يعيش طائر السرنوف العركي أو العقاب النساري بالمنتزه الوطني للحسيمة، وهو من الجوارح والكواسر النادرة التي لا توجد إلا بالفضاء الطبيعي المعني وكذا بمنتزه “سكون دولا” البحري بكورسيكا.
ويعتبر طائر السرنوف العركي ثروة بيئية تساهم في ضمان التوازن من خلال عملية الانتقاء الطبيعي، كما يعد من الأنواع المعمرة، وهو يتواجد ببعض البلدان بنسبة قليلة جدا، إلا أن ما يميزه في البحر الأبيض المتوسط كونه يتغذى من البحر ويعانق العيش بالأجراف الصخرية القريبة منه، خاصة المتواجدة بمنطقة بقيوة بإقليم الحسيمة.
ويساهم هذا الطائر بشكل كبير في الحفاظ على الحياة البرية القريبة من البحر والبحرية، فهو يوفر خدمات متنوعة في المنتزه الوطني للحسيمة، إذ يصطاد الأسماك الوهنة والضعيفة المعروف أنها عندما تكون مريضة تصعد إلى سطح البحر، وهنا يكمن دور هذا الطائر في المحافظة على التوازنات البيئية من خلال الاصطفاء الطبيعي، ومن ثم تحسين جودة المخزون السمكي بالمنتزه الوطني، فضلا عن أنه يعطي صفة جمالية للبيئة البرية والبحرية في منتزه يتميز دون الكثير من غيره بالتنوع الإيكولوجي الكبير، ولعل من بين مظاهرة التنوع الوافر من الفرائس تواجد كالبوري وسارشارغو والقاروس وغيرها من الفرائس الأخرى.
في هذا السياق أوضح الحسين النباني، رئيس جمعية “أجير” للتدبير المندمج للموارد، أن المنتزه الوطني للحسيمة أنشئ من أجل حماية البيئة والتنوع الطبيعي الغني، خاصة حين يتعلق الأمر بهذا النسر البحري الذي يوجد في القائمة الحمراء للمنظمة العالمية للطبيعة، مضيفا أن أعداده قليلة جدا ويحتمي بالأجراف البحرية الشاهقة للمنتزه، التي تعتبر مأوى لهذا الطائر الذي يبدأ موسم التكاثر لديه بين فبراير وأبريل عندما تعود الأزواج تدريجيا إلى أعشاشها، ويبدأ التزاوج بينها عادة في الأسبوع الأول من شهر مارس.
وتابع النباني بأن السرنوف العركي الذكر يدافع عن مجال أعشاشه بضراوة، ووضع مجاله الخاص في منحدرات بقيوة الشاهقة، مبرزا أنه يصنع عشه من الفروع والنباتات الجافة، وهو عبارة عن هيكل مهيب يتم بناؤه من قبل الشريكين على منحدرات أو قمم صخرية قريبة جدا من البحر، مما يسمح للشريكين بالدخول والخروج في أوقات الحاجة الشديدة لتوفير الغذاء للكتاكيت في شهري ماي ويونيو.
وبخصوص بيضه، فهو يبيض ما يصل إلى 4 بيضات و3 في المتوسط في فترة تتراوح ما بين يوم وثلاثة أيام خلال شهر أبريل. وبيضه ذو لون “كريمي” منقط ببقع بنية ضاربة إلى الحمرة، ووزن الواحدة يعادل 72 غراما.
كما أبرز رئيس جمعية “أجير” أن الحفاظ على هذا النوع من الطيور ألزم الخبراء المعنيين بتحجيل “السرنوف العركي” بوضع أختام تعريفية لصغاره سنة 2012 حول سيقانه لمتابعة تفاصيل حياته وعمره ومعرفة مسار هجرته، كما أن الخاتم المعدني يرصد نوع الطائر وجنسه وحجمه ووزنه ورقمه الخاص، بالإضافة إلى عنوان المركز الذي يعمل أفراده بهذا المجال، مؤكدا أن هذا الإجراء يعد خطوة مهمة في درب المحافظة على الجوارح النادرة التي تدعو كل المنظمات العالمية للبيئة إلى حمايتها من الانقراض عبر حماية البيئة التي تعيش فيها.
وعامة، يعتبر البحر الأبيض المتوسط فضاء يحتضن مجموعة من الجوارح الأخرى من أصناف الطيور النادرة على المستوى العالمي كـ”نورس أودوين” و”النورس أصفر الأرجل” و”مجز كوري” و”طائرة ورقية” و”طائر النوء” و”طائر الخرشنة” و”غاق متوج” و”خرشنة شطيرة” و”الباز”…
وبدورها تهدف محمية المنتزه الوطني للحسيمة إلى الحفاظ على أصناف هذه الطيور والقضاء على الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي تحول دون عيشها المتوازن الطبيعي أو فشل تكاثرها، باعتبار أن المنتزه، بالإضافة إلى أنه يعد واحدا من أجمل المواقع الطبيعية بالبحر الأبيض المتوسط، يتوفر على منظومة بيئية ذات قيمة بيولوجية وإيكولوجية هامة.
تعليقات الزوار ( 0 )